أحلام طفل
نشر 17 مايو 2021
إيمان جوهر حيات
12/18/2023
أسرة متحابة وسعيدة وعلبة ألوان وكراسة، ومدرسة قريبة، وحقيبة جديدة، و هندام حسن، وأصدقاء أوفياء، وباحة خضراء تحفها الزهور والأشجار ومياه نقية وهواء نظيف، و تلة صغيرة يتسابق لصعودها القرناء، هذا حلم أغلب أطفال الشرق الأوسط الذين يعيشون تحت قصف المدافع وضجيج الطائرات ودوي القنابل وطلقات الرصاص وحرب الشوارع وفساد الأنظمة والمؤسسات، ومع ارتفاع معدلات العنف والجرائم وتفشي الخراب تكسرت هذه الأحلام الصغيرة والبسيطة، و اختفت ابتسامة الطفولة الجميلة وسُلبت البراءة والتلقائية مع سقوط علبة الألوان والكراسة والحقيبة واختفاء الرفقة الجميلة تحت ركام المدرسة القريبة، أصبح هذا الطفل بلا ملجأ بلا منزل بلا أسرة بلا أصحاب بلا وطن، وأصبح عرضة للاستغلال والتنمر والاجحاف، وتحول هذا الطفل البريء المسالم لقنبلة موقوتة بسبب السياسات الساذجة التي قادت اغلب دول المنطقة لحروب لم تخمد منذ التقسيم الاستعماري بعد الحرب العالمية الأولى مرورا بالحرب العالمية الثانية وما تمخض عنهما من توترات جيوسياسية وحقوقية متعاقبة بين أغلب دول المنطقة التي أصبحت بيئة خصبة لنمو الإرهاب والتطرف والعنصرية ولم تُعتق الطفولة التي خُدشت وتم استغلالها شر استغلال من خلال تجنيد الأطفال في الحروب والصراعات والاتجار بهم وقد كشف التقرير العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر في الثاني من فبراير 2021 والذي يصدر عن مكتب الأمم المتحدة "أن عدد الأطفال ضحايا الاتجار بالبشر تضاعف ثلاث مرات في الأعوام 15 الماضية، وتضاعفت حصة الأولاد الذين يستغلون في العمل القسري خمس مرات. وظلت الفتاة ضحية للاستغلال الجنسي، وزاد الوضع سوءا مع جائحة كـوفيد-19".
تعرضت الطفولة لانتهاكات شنيعة يشيب منها الرأس وتقشعر لها الأبدان، وقد انعكست بشكل سلبي على الجانب النفسي والعقلي والبدني لهؤلاء الأطفال المغلوب على أمرهم الذين بكل اسف يدفعون ثمن تلك السياسات الفاشلة والمتخبطة والرجعية التي لا تضع اعتبار إلا لمصالحها المحدودة ولا تدرك خطورة استمرار تلك الانتهاكات على أمن وسلامة المنطقة المأزومة.
ما نشهده اليوم من تقلبات سياسية بين أكبر دول المنطقة وفتح وجهة جديدة للحوار وعقد التفاهمات بين الخصوم التي أتمنى أن ترسو على خير أثارت حفيظة بعض الدول ومنها إسرائيل التي تسعى بكل ما تملك من قوة لإفساد أي تقارب قد يخرجها من المعادلة، وما يحدث في فلسطين من تصعيد ما هو إلا وسيلة لتشتيت الانتباه العام عن تلك المقاربات المزعوم عقدها بين دول المنطقة وإعادة تدوير الشك والتوجس والمخاوف وعرقلة جهود التقارب والمصالحة! والضحية من وراء هذا التصعيد كالعادة هم المدنيين الأبرياء من نساء واطفال وكبار في السن ورجال لا حول ولا قوة لهم ولا موقف دولي واضح وحازم يساند قضيتهم وينصرهم من بطش النظام الصهيوني العنصري الذي يطمح بحمل الشعلة من الولايات المتحدة وبسط هيمنته على كافة دول المنطقة وقد حقق جزء كبير من هذا الطموح بعقد علاقات تجارية واتساع دائرة التطبيع مع اغلب الدول العربية التي فقد معظمها الأمل في حل القضية الفلسطينية، فهل ستغيب الشمس عن هذا الطموح المستبد وتعود العدالة، وتتحقق أحلام الطفولة الموؤدة؟
صعب ولكن ليس مستحيل.
