أحزاب سياسية‎

إيمان جوهر حيات

2/17/2020

في 13 فبراير 2020، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، أمام مجلس الأمن في جلسة لمناقشة مسألة بناء السلام والحفاظ عليه: «إنه من أجل نجاح المجتمعات في الانتقال وبناء السلام تجب معالجة قضايا؛ مثل التمييز الممنهج والإقصاء والنقص في المؤسسات وانعدام المساواة، والإفلات من العقاب».

إن موجة الغضب السياسي العالمية التي تجتاح الكثير من الدول الغنية والفقيرة، وأخص اغلب دول الشرق الأوسط وأفريقيا، التي تتسم أنظمتها بالجمود أو ذات نهج ديموقراطي مشوّه، غير مستوعبة متطلبات الانفتاح وكذلك تورّط اغلب قيادييها في قضايا الفساد والإفلات من المساءلة القانونية، لم تعد نهجاً مقبولاً من أغلب شعوب العالم، التي تنادي بالإصلاحات الجذرية للوصول الى العدالة والمساواة والحرية، والكرامة الانسانية.

وعلى الصعيد المحلي، ووسط قضايا كثيرة من اختلاسات وانتهاكات اقترفها بعض المسؤولين، الذين تصدّروا وسائل الإعلام وتغنّوا بحب الوطن أو استغلال الدين والثوابت، وأياديهم ملوّثة بالفساد والخزي، والطامة هي فرار بعضهم من تطبيق الأحكام التي صدرت عليهم بسبب تخبّط إداري أو إهمال أو تغافل مُسبّب!

في حين من يعبّر عن رأي مختلف لما هو سائد، أو ناقد لبعض السياسات، يصبح فريسة سهلة المنال ولا يفلت من عقوبة التخوين التي أحيانا يُسقطها عليه المجتمع، وتُحاسب عليها القوانين المقيّدة التي شُرِّعت، وللأسف، تحت قبة البرلمان، ولم نرَ تحرّكات حقيقية من قبل اغلب أعضاء مجلس الأمة لتغيير هذا الواقع، من خلال تعديل وغربلة بعض التشريعات، بل كالعادة نسمع فقط تصريحات جيّاشة، والحصيلة صفر!

والعذر هو عدم وجود أغلبية اصلاحية متوافقة لسن التشريعات، كما صرّح أحد النواب.

والسؤال هو: أليس ذلك خللاً كبيراً يستوجب المواجهة؟!

لدينا إمكانيات كبيرة لإحداث التغيير والخروج من عنق الزجاجة، ويجب إدراك أن التقدّم والازدهار الاقتصاديين وحدهما لا يحقّقان على الدوام الاستقرار السياسي.

ديموقراطية من دون أحزاب سياسية وقوائم نسبية أو مختلطة هي كالعربة من دون عجلات، وهذا بالفعل هو شكل ديموقراطيتنا، التي توقفت عن الحركة وغرقت تحت الرمال المتحرّكة، وأصبحت مجرد ذكرى يتحسّر عليها الآباء، ويفتقدها الأبناء!

التَّخوّف الذي زُرع بشكل متعمّد من الأحزاب السياسية، والمقارنة بتجارب بعض الدول المستبدّة، والبعيدة تماماً عن المنهجية الديموقراطية، مقارنة ظالمة وبعيدة عن الحقيقة، لأننا ببساطة نستطيع وضع بعض الضوابط للاحزاب السياسية من حيث انها يجب أن تشمل جميع فئات المجتمع «التعددية»، ولا تقصي الأقلية، وان تكون لها برامج هادفة يطلع عليها المجتمع ويراقب ويقيّم أداءها، ويحاسبها في حال أخفقت في تنفيذ برامجها، كما أن للأحزاب السياسية دورا مهما لمراقبة أداء الحكومة، والتعبيرعن مصالح ووجهات النظر المتباينة، وتأهيل وتدريب قادة المستقبل، وكل ما يحتاجه الحزب السياسي هو ثقافة متحضّرة مدنية توحّد صفوف أفراد المجتمع وتوجّه طاقاتهم نحو العملِ الجماعي المنظم ذي رؤية مستقبلية متكيّفة مع العالم الجديد.

لم تعد الحياة تقتصر على ما نحظى به من بعض متع الترفيه ومأكل ومشرب وتواصل وتسوّق وسفر.. إلخ، بل هي اختيار الطريقة الصحيحة التي نحكم بها أنفسنا.