الفيروسات المدمرة
إيمان جوهر حيات
11/6/2017
الفيروسات تتضاعف داخل الخلايا الحية، لذلك فإن الطاقة التي تحتاج إليها والمواد الأولية تكون مجهّزة من قبل الخلايا المضيفة، إضافة إلى استغلال الفيروس للمكائن الخلوية لتخليق فيروسات جديدة. والجينوم الفيروسي يحتوي على المعلومات اللازمة لبناء فيروسات جديدة مرتبة بشكل دقيق.. إما القفيصة وإما الغلاف البروتيني المكوّن من بروتينات سكرية في العادة فتحمي الجينوم، كما أنها تحدد تداخلات الفيروسات مع الخلايا، إذ تساعد الفيروس على الالتصاق واختراق الخلايا ليبدأ دورة حياة جديدة (المصدر: كتاب التقنية الحيوية الميكروبية). إن وجه الشبه كبير جدّاً بين عمل الفيروسات الطفيلية والدخيلة على جسم الانسان والتطرّف، حيث يحتاج التطرف إلى بيئة حيوية حاضنة ينتشر فيها الظلم والجهل واللاوعي والاضطهاد والفقر والجشع والأنانية، وهذه العوامل تسهل مهمة تلك الطفيليات الفكرية بأن تغرس نفسها وتخترق العقول الإنسانية المنهمكة في أحوالها المتردية. تتضاعف تلك الطفيليات الفكرية كما تتضاعف الفيروسات في الخلايا المضيفة مُسيّجة نفسها بجدار سميك وصلب من الاعتقادات والأعراف التي ألصقت بها صفة القداسة، لتحمي نفسها من الاختراق والتعدي والانتهاك. فيصبح العقل مشلولا مكبّلا بمجموعة من المفاهيم الطفيلية المغلوطة التي لا يمكن التخلص منها إلا باستخدام تركيبة من المضادات الحيوية التي تتكوّن من العلم والمعرفة والمنطق، التي عن طريقها يتم تحطيم واختراق سياج الأعراف والتقاليد المدلسة وتخليص العقل من الأوهام والخرافات وكل الأفكار الموبوءة وإرجاعه الى كينونته الأولى وافراغه من السموم.
وكما قال بيل غيتس ان: «العلاج من دون التفكير في الوقاية عبء لا يمكن تحمّله».
بالفعل نحن بحاجة إلى عمل دؤوب ومتواصل لحماية العقل الإنساني وتحصينه من أشد وأفتك فيروس واجه البشرية، وهو فيروس التطرف المعدي والقاتل العابر للحدود والقارات، الذي دمّر كثيراً من الدول، وفتك بحياة الملايين من البشر، ومن تبقى على قيد الحياة أصبح إما جريحا وإما مشوّها وإما معاقا وإما مشرّدا، تتخبّط به الحياة يميناً ويساراً من دون أي رأفة أو رحمة.
العلاج وحده لا يكفي، بل لا بد من حماية مجتمعاتنا وأوطاننا باستخدام طرق واستراتيجيات وقائية تقوم على تمكين المجتمع من حقوقه الإنسانية الأساسية وتهيئة الأجواء التربوية والتعليمية المتحضرة التي من خلالها تتم توعية الفرد وإثراء عقله بالتفكير العلمي والنقدي، وإشراكه في شؤون المجتمع.
إن السكوت عن مؤشرات ومظاهر هذا الفيروس الطفيلي الفكري وإتاحة المجال له للنمو والانتشار بشكل متعمد او غير متعمد سيتسبّب في خسائر فادحة، نحن جميعا في غنى عنها.
وها نحن شاهدنا الفيديو الذي تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي والذي ينسب الى قائمة طلابية كويتية في الولايات المتحدة الأميركية أثناء تحضيرهم للانتخابات الطلابية، والذي يحتوي على قدر كبير من التطرف الفيروسي الفكري من دون وجود موقف واضح من قبل الحكومة تجاه ذلك. هل هذا يعني أن ما بدر من هؤلاء الطلبة أمر مقبول، أم أن الحكومة لا ترى أن ما حدث هو سلوك عدواني ومشين؟
أبناؤنا في خطر، ولا مجال للمهاترات والمراوغات التي لا تسمن ولا تغني من جوع.