الغرفة وثقة المجتمع‎

إيمان جوهر حيات

1/4/2021

«دعونا يعطِ بعضنا بعضاً فرصة.. يجب أن نتوقف عن معاملة خصومنا على أنهم أعداء لنا.. نحن لسنا أعداء، نحن أميركيون»

مقتطفات من الخطاب الرئاسي الأول لبايدن الذي قرر تجاوز الاختلافات الشاسعة بين قاعدته وقاعدة ترامب، ومد يد الترحيب لجميع المواطنين حتى من لم يصوتوا له.

أراد بايدن من خلال خطابه إعادة الثقة في نفوس المواطنين وسد الفجوة الكبيرة التي تنامت بسبب السياسات السابقة وانحدار لغة الحوار، وفتح صفحة جديدة تبدأ بمصالحة شاملة تجمع كل أطياف المجتمع من دون تمييز، هي خطوة في الاتجاه الصحيح وتعتمد بشكل كبير على ما سيلحقها من خطوات وإجراءات مستقبلية تخرج من نطاق الخطابة إلى الأفعال، فلا يمكن إحداث الإصلاحات الاقتصادية والسياسية المرجوة في ظل مجتمعات مفككة ومتعاركة ولا تثق في أداء سلطتها، وهذه هي معضلة كويتنا التي تتخبطها العواصف العاتية من كل تجاه وصوب بسبب منهجية السلطة التنفيذية غير المسؤولة التي أضعفت سلطة البرلمان، وتمخضت جراء ذلك وغيره من العوامل سلسلة من فضائح الفساد التي ساهمت في فقدان ثقة أغلب أفراد المجتمع في إدارة الحكومة و البرلمان.

تمرير إصلاح اقتصادي عميق أمر شائك وصعب بالنسبة لأغلب أعضاء البرلمان، وذلك إرضاءً لقواعدهم الشعبية الساخطة على الفساد الإداري، وهو في الوقت نفسه أولوية مهمة للقيادة الحكومية التي تسعى للتوصل إلى اتفاق لتأمين تمويل عجز الميزانية من خلال أدوات الدين العام كإصدار السندات أو الصكوك، وتخفيض الدعوم وغيرها من الإجراءات القاسية، أو الاضطرار لتجفيف صندوق الأجيال أسوة بما حدث في صندوق الاحتياطي العام، وكل تلك الإجراءات آنية ومؤقتة لا تحمل رؤية مستقبلية لهذا البلد!

فما الجدل الذي أثارته غرفة التجارة في بيان وطننا في خطر، رغم تحفظي على بعض بنوده، إلا وخزة استفاقة قسمت المجتمع بين مؤيد ومعارض للإجراءات الاقتصادية المطلوب تحقيقها من وجهة نظر اقتصادية بحتة تحتاج الى مزيد من التوضيح والمناقشات، والاستعانة بوجهات نظر مختلفة اجتماعية سياسية حقوقية.. للوصول إلى استراتيجية عمل شاملة متوافقة مع التغيير ومقبولة من كل أطياف المجتمع، الذي فقد أغلبه الثقة بمنهجية وسياسة الحكومة التي ما زالت متشبثة بالنهج المتوارث نفسه غير الصالح للاستخدام في هذا الزمن السريع التغير، ولا تعويل على البرلمان الذي شهدنا جميعاً كيف دارت جلسته الافتتاحية بشكل يحبط الآمال، وتشتت جهود أغلب النواب في إثارة بعض القضايا الهامشية والتسلط على حريات الآخرين لتصدر المشهد ودغدغة مشاعر ناخبينهم، أو هم مجرد أدوات تستخدم عند الضرورة لإلهاء الناس و إثقال كاهلهم من دون إحساس ولا استيعاب لخطورة الوضع العام الذي تمر به البلاد والمقترن بتغيرات جذرية في السياسات الدولية وتوجهاتها من هذه المنطقة المتأزمة.

فكيف تتحقق المشاركة الشعبية المسؤولة والفاعلة في تحمل جزء من أعباء المالية العامة، سواء عن طريق الضريبة أو خفض الدعوم في ظل حزمة القوانين المقيدة للحريات، والتي تضرر منها بعض أبنائنا بمجرد التعبير عن آرائهم وفقدانهم الثقة في قدرة الحكومة والبرلمان، اللذين فشلا في تأسيس مجتمع ديموقراطي مدني منفتح بلا عصبيات وتوابعها البغيضة!

الإصلاح يبدأ بكسب ثقة المجتمع.