الحسبة الانتخابية الشعبوية
إيمان جوهر حيات
10/5/2020
«عدم الثبات ليس شيئاً نخاف منه. إنه التطور، الأفق الذي لا ينتهي» - ديباك شوبرا
هذه هي طبيعة الحياة، متقلبة لا تعرف الثبات، هي رحلة ممتلئة بالدروس، تعلمنا كيف نتفاعل مع ما نواجهه من تحديات، والتي من خلالها تتحدد النتيجة التي ستكون عليها بقية حياتنا، فإما نعبر عراقيلها بسلام، وإما ننهار في مكاننا.
الزمن لا يتوقف، والماضي لا يعود، وقبول التغيير من دون إجراء التحولات اللازمة التي تساعدنا في المضي قدماً نحو مستقبل لا يتجاهل خبرات الماضي.. هو مضيعة متجددة للوقت الذي أهدرنا منه الكثير.
أغلبنا يراقب بقلق التغيرات الجيوسياسية التي تجتاح المنطقة وموجة التصعيدات التي تسببت بكوارث جمة على الشعوب، ولم تسلم منها العديد من الدول، وارتفاع النبرة الشعبوية غير المنظمة بسبب تفشي الفساد والدكتاتورية، والمطالبة بالعدالة والحرية والمساواة والكرامة الإنسانية وتطبيق الديموقراطية، ومحاولة بعض الجهات المستفيدة من تأزم المشهد شيطنة وتسييس تلك التحركات الشعبوية لتحقيق أكبر قدر من المكاسب على حساب هؤلاء المستائين والمتضررين.
ولا عاقل يتمنى أن تُجر دولتنا الحبيبة إلى مثل هذا المصير الذي لا نتمناه لأي أحد. ولكن التمني وحده من دون تبني إحدى خرائط الطريق المهملة وتحديثها والعمل على تطبيقها هو هدر لفرص الإصلاح، التي أصبحت اليوم لا تحتمل التأجيل. وعملية الإصلاح لا يمكن أن تتحقق بجهود فردية، هي ثمرة جهود مشتركة مؤمنة بالمبادئ الديموقراطية التي تعبّر عن إرادة الشعب.
وحجة البعض بأننا كشعوب عربية غير مؤهلين لتطبيق الديموقراطية بشكلها الصحيح هي حجة جوفاء يتلكأ بها المستفيدون من بعض المكاسب والمميزات التي لا تمنحها الديموقراطية الحقة لهم.
وهذا يجرنا إلى فهم سبب تهالك النظم التعليمية وتراجع أغلب الدول العربية في البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، إنه الخوف من الوعي الذي يفرض وجوده بقوة العقل.
علينا جميعا مسؤولية في الحفاظ على هذا الوطن من الانزلاق في وحل لا مخرج منه، وضرورة ممارسة الدور الصحيح الذي نظمه الدستور المفترض تحديثه لمزيد من ضمانات الحرية والمساواة كما نصت المادة 175 منه، وإجراء التطوير الإداري اللازم والمواكب للتغيير لكل مؤسسات الدولة، الذي يبدأ باختيار القيادات العليا بناء على صحيفة معايير تحددها الكفاءة والخبرة، وأهمية تطبيق الحوكمة والشفافية لاسترجاع ثقة المجتمع وكسب المصداقية. وتمكين مؤسسات المجتمع المدني المفترض أنها تكون همزة وصل بين الأفراد والحكومة وشريكة مستقلة للدولة، من أداء دورها الصحيح في تحقيق السلام والاستقرار وحماية الحقوق الإنسانية والتنمية البشرية في المجتمع.
أما بالنسبة إلى إنقاذ الوضع الاقتصادي للبلد، فأغلب الصحف المحلية والدولية مشبعة بحلول مؤقتة وإصلاحات جذرية تدركها الحكومة جيداً، ولكن تعرقلها الحسبة الانتخابية لبعض المتكسبين الذين ابتلينا وابتلي البلد بهم.
ضريبة التأخر في تطبيق الإصلاحات المعلومة لدى الإدارة الحكومية موجعة وباهظة الثمن، فهل سنرى في القريب العاجل بوادر أمل؟