الجهاز و المآرب المشبوهة

إيمان جوهر حيات

11/16/2020

في بداية نوفمبر ولمدة تجاوزت 9 أيام، تحركت مجاميع من الناشطين البدون والمواطنين من خلال تويتر تحت هاشتاق «لا للتجديد للجهاز المركزي» لمعالجة اوضاع المقيمين بصورة غير قانونية، بسبب ما يرونه من سوء إدارة هذا الجهاز لملف البدون، وعدم التوصل إلى حلول منصفة وإنسانية تحفظ أمن البلد وتصون سمعة الكويت الدولية.

ممارسات هذا الجهاز التي تبدو أن الغاية منها التخلص من مسمى عديمي الجنسية وتحويلهم إلى مقيمين بصورة غير قانونية لتفادي الالتزام بالصكوك والاتفاقيات القانونية الدولية، ومنها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية خفض حالات انعدام الجنسية، والاتفاقية المتعلقة بوضع الأشخاص عديمي الجنسية، والتي في مجملها تحتم على أهمية تعديل اوضاع عديمي الجنسية بمنحهم جميع حقوقهم الإنسانية، بما فيها حق الانتماء، وحق اللجوء للقضاء، فكانت معالجة الجهاز هي ممارسة الضغط والتقييد والتهديد بقطع أرزاقهم أو حرمانهم من التعليم والطبابة أو الزواج أو دفن موتاهم او استخراج رخصة قيادة أو تسلم شهادة، مما اضطر بعض البدون للرضوخ للجهاز والتوقيع على تعهدات تنفي مواطنتهم قسرا! وقبول بعضهم شراء جوازات مزورة أسهمت في تعقيد هذه القضية وتم التعتيم عليها بشكل غير مسبوق، ولم تخضع للتحقيق والمساءلة!

أصدر الجهاز بياناً للرد على هذه الحملة ونشره على حسابه في تويترcarirs_gov_kw@ في تاريخ 12 نوفمبر 2020 وتحولت المسألة من انصاف قضية انسانية الى حفلة لم تخل من بعض العنصرية، شعارها حماية الهوية الوطنية، ووصف الجهاز هذه الحملة المجتمعية بطريقة تشبه ما يُكتب في الروايات البوليسية، بأنها حملة ممنهجة ضد عمل الجهاز بهدف تضليل الرأي العام لمآرب مشبوهة!

رغم ان كل ما يملكه هؤلاء النشطاء والمناصرين لهذه القضية، هو فقط تويتر وبعض زوايا الصحف مقارنة بالمنصات الإعلامية الكثيرة المتاحة لهذا الجهاز العتيد!

يزعم الجهاز من خلال بيانه بأنه كشف كل المستندات والوثائق الدالة على جنسيات وهويات عديمي الجنسية، والسؤال هنا: أين تلك المستندات؟ ولماذا لم يتم اتخاذ الإجراءات العادلة وتحويل ملفات هؤلاء المزورين الذين تعمدوا تزييف الحقائق وتضليل أجهزة الدولة، كما يدعي الجهاز، الى القضاء لتبسط العدالة سلطتها حماية لأمن هذا البلد؟ وما سبب تستر الجهاز عليهم؟

وما هي الثوابت الصحيحة والقواعد الشفافة التي يلتزم بها هذا الجهاز كما نص بيانه؟

ولماذا هناك تعتيم على الوثائق والمستندات التي يدعي الجهاز امتلاكها، والتي من المفترض أن تكون متاحة للجميع ومنشورة في مواقع الدولة الالكترونية الرسمية، منعا لانتشار الشائعات، وتحقيقا لمبدأ الشفافية وتمكين المجتمع من الوصول للمعلومات لتنمية وعيهم وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في متابعة أداء أجهزة الدولة المختلفة وحق المساءلة في حال وجود أي انحرافات أو ممارسات خاطئة.

التمديد لهذا الجهاز الذي اعتمدت منهجيته على التعتيم وأساليب أخرى يمكن أن تسفر على أنها إبادة ملف عديمي الجنسية وتحويلهم لمخالفي إقامة، ومعظمهم لا يملكون أي هوية تثبت انتماءهم لغير الكويت! هو تصرف غير حصيف ولا يبشر ببوادر انفراجه قريبة.

الحلول ممكنة بالحوار و الإنصات والحكمة وليس بالتعسف.