المكاسب الشخصية أم المصلحة العامة؟
إيمان جوهر حيات
7/8/2019
لن أتطرق للمعاناة الإنسانية التي يتعرض لها بعض أفراد المجتمع بسبب كثرة القيود، التي لا تتقبل النقد، ولا تستوعب متطلبات التغيير المصاحبة للانفتاح والتطور، ولكن أحاول تسليط الضوء على بعض نقاط الضعف الكامنة في هيكل الدولة، ومنها:
1 ــ «سياسة المصالح» المتجذرة التي تبحث عن المكاسب الشخصية على حساب المصلحة العليا للبلد، ويكفي إلقاء نظرة خاطفة على بعض جلسات مجلس الأمة، وكمية التناقض بين أقوال البعض وأفعالهم، وما سبّبه ذلك من شرخ كبير في ثقة المواطن بتلك المؤسسة، وعلى سبيل المثال ما حدث مؤخراً من إقرار قانون تنظيم مهنة المحاماة الجديد، الذي أبقى على حق خريجي كلية الشريعة في ممارسة مهنة المحاماة من دون شرط أو قيد، وحرمان أساتذة كلية الحقوق من ذلك!
والسؤال هو: كيف لكلِّيتين مختلفتين تُخرجان نفس التخصص؟ أليس في ذلك تداخل في التخصصات التي لا تحتاجها سوق العمل؟ وهل يعني ذلك أنه سيُحرم الأطباء الذين يُدرسون في كلية الطب من مزاولة مهنة الطبابة في مستشفيات الحكومة والقطاع الخاص؟!
2 ــ «القوانين القديمة» وعدم توافقها مع الحاجات والمتطلبات الحالية للمجتمع والدولة، التي تستوجب إعادة النظر فيها «كبعض مواد قانون رقم 42 لسنة 1964 والتعديلات الملحقة به، الذي ذكر أعلاه، وقانون الجنسية وقانون الأحوال الشخصية اللذين تنتقص بعض موادهما من حقوق المرأة..».
3 ــ «غياب الرقابة والمتابعة»، فلا تُكتشف المشاكل إلا بعد تضخمها وتعذر إخفائها، والامثلة هنا لا تعد ولا تحصى، وتثير الاستياء.
4 ــ «الصياغة القانونية الرديئة» التي يقع بها بعض المشرعين، إما لعدم التمكن من التحكم في تقنيات وصياغة التشريع، أو خضوع بعضهم لقوالب فكرية واعتقادية جامدة بعيدة عن الأسس والقواعد القانونية لسن التشريعات والقوانين والأنظمة، التي من المفترض أن تلبي حاجات المجتمع المتغيرة، وتتماشى مع متطلبات العصر الآخذ في التطور، لتلافي الوقوع في العيوب التشريعية والثغرات القانونية.
ما سبب تفشي أورام الفساد الخبيثة في بعض مؤسسات البلد، التي تحدث عنها كبار وصغار المسؤولين؟.. هل ما يحدث هو تنافس على المناصب العليا؟ أم هو سياسة لإثقال كاهل المواطن وإشغاله عن الأمور الأكثر أهمية؟ أم ان ما يحدث هو مجرد تخبط وسوء ادارة حكومية؟ ام هو مخاض التغيير؟!
وتتسع دائرة التساؤلات وتكثر التحليلات، وتظل الحقيقة متوارية خلف الإشاعات والأكاذيب والزيف من دون أن تخضع لدراسة دقيقة تعتمد على خطوات منهج البحث العلمي الدقيق للوصول إلى الحقائق الخالية من الملابسات والظنون. ولكن كيف يمكن أن تجري عملية التشخيص بلا شفافية ووضوح؟ وكيف يمكن استئصال تلك الأورام الخبيثة التي تفشت في أجزاء من جسد الوطن وحوله العديد من العراقيل والقيود؟!
كل المساعي الجادة من قبل بعض الأفراد وبعض مؤسسات المجتمع المدني لإحداث التغيير سترتطم بصخور شاطئ الجمود، فإما أن تتكسر تلك الأمواج وإما أن تتفتت تلك الصخور.
مسألة وقت ومصداقية وإرادة.