الذعر الأخلاقي
إيمان جوهر حيات
8/19/2019
شهدنا قبل فترة وجيزة ما أثير من جدل حول إعلان ترويجي بأحد شوارع الكويت، وغاية الإعلان الترويجي هي جذب الانتباه وقد حقق غايته بكل نجاح، واتمنى الا يكون ما حدث أمرا مقصودا غرضه تنفيع أصحاب ذلك الإعلان!
وما أثارته ناشطة كويتية عبرت عن رأيها الشخصي نختلف أو نتفق معه هو مجرد رأي، والعجيب هو التفاعل السريع من قبل السلطات المختصة مع الجمهور المستثار واتخاذ الإجراءات اللازمة!
إن المنظور الاجتماعي للذعر الأخلاقي يعني الخوف من أن شخصا أو شيئا ما يمثل تهديدا لقيم وسلامة ومصالح المجتمع، وعادة ما يستغل بعض رجال الدين والسياسة والمتنفذين هذا الهلع ويقومون بالترويج له في وسائل الإعلام المختلفة لتحقيق مصالحهم الخاصة سواء من تكسب انتخابي او إصدار قوانين أو اقتراح سياسات جديدة مقيدة تستهدف مصدر الذعر الذي هو في الغالب ينحصر في مجموعة من الأشخاص المهمشين في المجتمع بسبب العرق أو الطبقة الاجتماعية أو الأصل أو الجنس أو الدين (المذهب) أو اختلاف التوجهات.
وبهذه الطريقة، يمكن أن يؤدي الهلع الأخلاقي إلى زيادة السيطرة على المجتمع… وما يترتب على ذلك من تفاقم الخلافات والانقسامات.
«قدم ستانلي كوهين عالم الاجتماع الراحل بجنوب أفريقيا (1942 – 2013) النظرية الاجتماعية للفزع الأخلاقي في كتابه عام 1972 بعنوان «الشياطين الشعبية والفزع الأخلاقي». وصنف خمس مجموعات رئيسية من الجهات الفاعلة والمشاركة في عملية الذعر الأخلاقي:
* الغوغاء.. وهم الذين يمثلون التهديد الذي يحرض على الذعر الأخلاقي.
* منفذو القواعد والقوانين، وهم على سبيل المثال أفراد من السلطة الحكومية والأمنية.
* وسائل الإعلام، التي تسعى لنشر الأخبار بطريقة نمطية وتسليط الضوء على مصدر التهديد للتأثير على الرأي العام.
* المتنفذون من بعض السياسيين أو رجال الدين والمحافظين، الذين يستجيبون لذلك التهديد، وأحيانا هم من يشعلون نيران ذلك الهلع لمآرب خاصة. «والجمهور المُثار من مصدر التهديد ومطالبته من الجهات المسؤولة بالتحرك واتخاذ الإجراءات الحاسمة».
لاحظ العديد من علماء الاجتماع أن المستفيدين في نهاية المطاف من الذعر الأخلاقي هم بعض المتنفذين في المؤسسات الحكومية والمقربين منها، نظرا لما يترتب على ذلك في الأغلب من زيادة السيطرة على المجتمع وتعزيز سلطة مَن يستغل حالة الذعر تلك لاقتراح تشريعات وقوانين قد تبدو غير شرعية من دون وجود تهديد محتمل في مركز الذعر الأخلاقي.
مشكلتنا الحقيقية تكمن بين مجموعتين مؤثرتين، مجموعة ترى نفسها أنها تمتلك الحقيقة والصواب المطلق وترفض التغيير الذي يتعارض مع أفكارها واعتقاداتها.
ومجموعة القص واللصق المنسلخة عن معطيات واقعها، غير مستوعبة أن التغيير الصحيح ليس تقليدا أو تبعية لأحد.
كلتا المجموعتين بالنسبة لي متطرفتان، وما نحتاجه اليوم هو استيعاب وقبول الاختلاف والتعددية اللذين يعتبران منبعا للوعي والمعرفة، ومن خلالهما تتطور الأفكار وتتسع المدارك لنكون شركاء منفتحين فاعلين في هذا العالم المتطور بالتكنولوجيا الرقمية التي فتحت لنا نوافذ التنوع الثقافي وأغرقتنا بالمعلومات.
الوعي هو بوابة التنمية.