التخلف الثقافي والتمييز
إيمان جوهر حيات
11/26/2018
قبل يومين صادف «اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة»، الذي يحييه العالم في 25 نوفمبر من كل عام، للتصدي للانتهاكات التي تتعرض لها المرأة بشكل مستمر، خصوصاً في معظم مجتمعاتنا الإسلامية والعربية، والتي من الصعب رصدها بسبب الخوف الذي خلقته العادات والتقاليد من الفضائح التي لا تسقط بالتقادم، ومن وصمة العار التي يسقطها المجتمع على الضحية. أصبح اليوم خروج المرأة إلى المجال العام ضرورة لا جدال فيها للنهوض بالوطن، وتخوض المرأة الكويتية معظم ميادين العمل، وتبوأت أعلى المراكز القيادية والتنفيذية، وأصبحت شريكة في صنع القرار. إلا أنه ما زالت الأغلبية تعاني من الثقافة السائدة ومن عدم إنصاف بعض التشريعات والقوانين. الكثير من النساء يعتبرن ما يحدث لهن من عنف، سواء جسدياً أو نفسياً، أمراً طبيعياً ومسلماً به، نظراً لما تعرضن إليه من تغييب، وهناك من يخشين البوح بما أصابهن خوفاً من أن يوصمهن المجتمع بالعار بدلاً من أن يساندهن ليأخذن حقهن ويردن اعتبارهن.. والسبب هو تلك العقول التي تأبى أن تفهم أن الزمن يتغير والأفكار تتبدل وتتطور مع معطيات ذلك التغيير، وإلا حدثت الفجوة، التي بالفعل تعاني منها أغلبية مجتمعاتنا، وهي أننا نعيش في عصر متحضر سابق لأفكارنا. في ما مضى رفض بعض نواب مجلس الأمة إعطاء المرأة حقوقها السياسية، وأصبحت تلك المرأة اليوم، التي أُبخِس حقها في الأمس، هي صاحبة الفضل في إيصال هؤلاء المعترضين الى البرلمان، رغم اعتقادهم أنها غير مؤهلة، ولكنهم قبلوا بتصويتها وانتخابها.
وهذا يفسر احتمالا من اثنين، الاحتمال الأول هو أن أفكارهم بالفعل قد خضعت للتغيير، وهذا مؤشر جيد ويستحق الإشادة، وبالنهاية المرأة إنسان يستحق التقدير.
والاحتمال الثاني هو أن المصلحة بالنسبة لهؤلاء المتزمتين طغت على المعتقد، والغاية تبرر الوسيلة، ولطالما ان هناك منفعة شخصية من صوت المرأة التي تشكل أكثر من نصف المجتمع فلا ضرر من إباحة غير المباح من وجهة نظرهم، للوصول الى الغاية المرجوة، وهي كرسي البرلمان أو أي مصالح خاصة أخرى، وهذا بحد ذاته كارثة حين يستغل الدين لتحقيق المكاسب الخاصة لفئة معينة ترى نفسها محور العالم ومخالفهم عاصياً وضالاً، وهذا التناقض بالمواقف باسم الدين يثير الشكوك حول من يسيرون الأمور بما يتماشى مع أهوائهم ويحقق رغباتهم، فتتبدل الثوابت بحسب المصلحة، وتتغير الاعتقادات بحسب المنفعة، والشعب مجرد أداة عليه أن يطيع وينفذ، وهذا السلوك لم يعد يقبله العقل.
ولو نظرنا الى تفشي ممارسات التمييز والعنصرية التي لا تقتصر على المرأة فقط، بل تمتد للتدخل بخصوصيات الإنسان ومنها الروحانية كالدين والمعتقد، وقد أثير أخيراً جدل عن إلغاء البند الخامس من المادة الرابعة من قانون الجنسية عام 1959، الذي على اثره تمنح الجنسية لغير المسلم، ورفض بعض نواب المجلس هو أمر ليس بغريب لطالما أن الإنسان بالنسبة اليهم مجرد تابع مقيد، وصلاحه لا يتحقق إلا بمذهبه أو نسبه أو جنسه أو ما يملك من أموال، أليس هذا تمييزاً بحق الإنسان؟ وهل يجوز ونحن في القرن الـ21 أن نقلل من قدر إنسان بسبب عقيدته أو جنسه؟!
علينا أن ندرك ونعي أنه بسبب الاستبداد والتخلف الثقافي تراجعت مجتمعاتنا عن ركب الحضارة، وإصلاح ذلك يستوجب صياغة برامج تأهيلية لرفع مستوى الوعي للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة! وضد الإنسان بشكل عام.