الزلة المرتقبة!
إيمان جوهر حيات
9/23/2019
سألتني ابنتي وصوتها يشوبه القلق والخوف: هل الكويت بخير؟ وهل نحن بأمان؟
حزينة أن أسمع نبرة الخوف تلك والقلق التي أصبحت هاجس الصغار قبل الكبار، والإجابة عن ذلك التساؤل يستلزم قدراً من المسؤولية، هل اطمئنها لترتاح وتبتسم، أم أخبرها بالواقع غير المفهوم وغير المتزن؟
ماذا علي أن أجيبها؟ وكيف افهمها؟!
تزداد الأمور تعقيدا من حولنا، وكل ما علينا هو توخي الحذر وعدم الانصياع خلف ما تبثه بعض وسائل الإعلام المجيرة من أخبار ومعلومات مغلوطة لاستفزاز الرأي العام، وحشد جمهور يائس ومضطرب يريد التعلق بأي شيء، حتى وان كان ذلك الشيء هو الزلة المرتقبة التي ستقود المنطقة الى الهاوية.
نحن في زمن أصبحت به حرمة النفط ومشتقاته أغلى من حرمة دماء الأبرياء، ولأجل الذهب الأسود أهدرت وتهدر وستهدر أرواح كل ذنبها أنها تقطن في هذا الموقع الاستراتيجي المليء بالخيرات والمحاط بالأطماع الداخلية قبل الخارجية، وأغلب الشعوب ليست إلا أحجار شطرنج تتحرك بغير إرادتها، ومن يخرج عن هذا السرب ويعارض السائد يصبح عاقاً غير مرحب به، ويجب استئصاله ونفيه. هذا هو واقع الحال وهكذا غُيبت العقول وساد الجهل، وانتشى التخلف وتفاقم الفساد.
أتعجب من هؤلاء الذين يقرعون طبول الحرب، ويدعون الى المزيد من التصعيد فقط لإرضاء غاية مريضة في نفوسهم أو لأجل تكسب انتخابي مرتقب أو مصلحة مشبوهة لا صلة لها لا من قريب ولا من بعيد بالوطنية أو القومية أو أي مصطلح غايته استئثار مشاعر المغيبين، فهؤلاء الداعون الى الحروب والمستعرضون لعضلاتهم الهرمونية اول الفارين، ومن سيتصدى لذلك هم الابرياء حطب كل الحروب على مر التاريخ..
لم نعد نستطيع التنبؤ بما يحدث أو ما سيحدث. ولكن اعلم جيدا ان السبيل الوحيد للتصدي لهذا الاضطراب الإقليمي يبدأ بتوعية الشعب وحماية حقوقه وصون كرامته، وإغلاق باب الفتنة التي تعتاش على التأجيج والنفور والتهميش والضغائن.
الكويت بلد صغير ومهما امتلكنا من أموال وأسلحة مدمرة لن نستطيع مجابهة القوى الضخمة التي حولنا، هذا هو الواقع الذي لا تعكسه الأناشيد الحماسية المؤججة للمشاعر.
مصدر قوة هذا البلد هو شعبها، وكسب ثقة هذا الشعب يستوجب من الحكومة مراجعة حساباتها وحل كل القضايا المتراكمة، كقضية البدون الانسانية والمهجرين والمعتقلين بسبب قضايا رأي، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد مهما علت مناصبهم ومراكزهم الاجتماعية، وتشريع القوانين التي تصون حقوق وحريات المواطنين وتضمن الحق للجميع في الوصول الى المعلومات التي من خلالها يزيد الوعي، وتُفَعّل الشراكة المجتمعية.
ربما كل ما يحدث هو مجرد ضغوط سياسية، ولكن يستلزم من الجهات المسؤولة أن تتحمل المسؤولية وتوضح بكل شفافية كيف تسير الأمور بهذا البلد، وما هو مخطط ومرسوم لحاضرنا ومستقبلنا.
حفظ الله الكويت وشعبها وكل شعوب المنطقة والعالم من كل مكروه.