استنكار مواطنة
إيمان جوهر حيات
3/26/2018
«اسكت وشوف مستقبلك»، «ترى اللي يدفع مو بس السلطة»، «لا تصير صبي مثلهم»... لم اسمع تلك العبارات في سوق الجمعة، بل هي بعض من السجالات الكثيرة التي تم تداولها تحت قبة الأمة! إن ما نشهده من صراعات وخلافات من بعض النواب داخل البرلمان لا يعكس إلا سوء الأوضاع التي وصلنا إليها. وكما نرى وبتصريحات حكومية وتقارير دولية مدى عجز الحكومة عن إحداث إصلاحات جذرية تقود للتنمية والنهضة، واكتفت الحكومة بالتعبير عن استيائها على تردي أوضاعها!
وبالمقابل وكما رأينا جميعاً كيف تراشق بعض نواب الامة الاتهامات الخطيرة، التي كشفت الستار بشكل علني وأمام الملأ عن وجود تحالفات ومساومات من بعض النواب مع البعض في الحكومة والمتنفذين لتحقيق المكاسب الخاصة على حساب الوطن والمواطن!
ما الجديد؟
ان هذا العبث الذي نشاهده اليوم ليس جديدا علينا، بل هو إرث حملناه على ظهورنا، ولكنه اليوم اصبح ثقيلاً جداً، ولا يسعنا حمله، ولن نحمله لأبنائنا وأحفادنا، فلو حصرنا كل مشاكل المجتمع منذ السبعينات تقريباً وحتى تاريخه، سنرى أن المشاكل هي ذاتها لم تتغير، بل تفاقمت وكبرت وتعقدت، حتى أصبح من الصعب إيجاد الحلول لها، لم نطور التعليم ولم نحل مشاكل «البدون» ولم نضع نظاما اقتصاديا رشيدا، ولم نحل قضايا الفساد الذي ينخر وينمو ويترعرع في اغلب مؤسسات الدولة، من دون وجود أي حلول جذرية لاقتلاعه وإيقاف توغله غير المبرر من الحكومة ومن المجلس.
والمشكلة انهم يطلبون منا أن «نمد ريولنا على قد لحافنا»!
لم يبق للمواطن لحاف، فهو مثقل بالديون والهموم، وكل ما يفكر فيه اليوم هو كيف يُؤَمّن حياة أبنائه.
أهذا ما تسعون إليه ان تشغلوا تفكير المواطنين بخلافات مختلقة بغيضة تسود بها الفرقة كي تعبثوا كما تشاؤون؟
أم انكم تظنون ان بترضية حلفائكم المقربين والهدر عليهم هو الضمان لبقاء نفوذكم؟
الكويت ليست تركة حصرية لفئة دون الأخرى.
نحن اليوم بحاجة الى وحدة وطنية حقيقية، ولن تتحقق تلك الوحدة من دون عدالة اجتماعية وإذابة الفوارق الفاحشة بين أفراد المجتمع، فالإحساس بالظلم يقود الى انقسام المجتمع، وهذا ما نحن بغنى عنه وعن تبعاته.
وضرورة تفعيل دور مؤسسات المجتمع المدني، التي وللأسف لا نرى لأغلبها دورا واضحا وفاعلا في المجتمع، وذلك بسبب القوانين المقيدة المفروضة عليها من الحكومة، والتي تعوق أداءها، وتجعل منها مجرد مؤسسات تابعة ترضخ تحت سلطة الحكومة، وليست كما يفترض ان تكون شريكا فاعلا ومدافعا أصيلا عن حقوق المواطن ومصلحة المجتمع.
وان تُمارس الديموقراطية بشكلها الصحيح من حيث تقبل الاختلاف والتعددية، وفتح المجال لحوار وطني شامل، والعمل على تحقيق المساواة، وضرورة تطوير مواد الدستور للمزيد من الحريات بما يتوافق مع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، وسيادة القانون على الجميع من دون استثناء ولا محسوبية، وتشكيل الأحزاب السياسية التي من خلالها يتم صقل قدرات الفرد وتوعيته بالمشاركة في صناعة القرارات وصياغة برنامج سياسي او اجتماعي او اقتصادي يُطرح للمجتمع، وعلى أساسه يحاسب من أفراده.
ولا أفهم سبب التخوف والتوجس من فكرة الأحزاب السياسية التي لا تقوم الديموقراطية إلا بها.
إن ما يحدث اليوم من مهازل أمر مرفوض، ولن يكون هناك أي تغيير طالما لا يوجد توافق حقيقي وملموس بين كل القوى السياسية والمدنية في المجتمع، وذلك لصياغة موقف موحد بعيد عن المصالح الآنية والخلافات الشخصية.
الكويت تستحق منا هذا المجهود، وكل ما علينا هو التعقل والحكمة وبعد النظر.