دولة الرفاهية والبدون

إيمان جوهر حيات

8/24/2020

60 سنة وقضية البدون بين الشد والجذب و الوعود والخذلان و التعسف والضغط، أصبح هذا الملف الشائك عرضة لحملات مكثفة من التشويه المتعمد للحقائق لعدم الرغبة في إغلاقه وإنصاف المتضررين و المستحقين ، لا أعلم لمصلحة من ولكن بالتأكيد ليس لصالح الكويت، ورغم التشكيك الذي ساد خطاب الجهاز المركزي وبعض المسؤولين في ولاء وانتماء هذه الفئة، وشحن الشارع الكويتي بالخطاب العنصري، إلا أننا رأينا جميعا كيف تسابق أبناء البدون ومنهم أبناء الكويتيات ليكونوا في الصفوف الأمامية مع إخوانهم الكويتيين لتلبية نداء الواجب وخاصة بعد إطلاق وزارة الداخلية في منتصف مارس عن فتح باب التطوع لإسناد الطواقم الطبية في مواجهة الجائحة، لم يبخل أطباء وممرضات هذه الفئة الذين كافحوا و اجتهدوا دون أن يحظى اغلبهم بفرصة عمل في القطاع العام بسبب عراقيل الجهاز المركزي الذي حتم عليهم التوقيع على بياض لإصدار أو تجديد هوياتهم، هناك من رضخ ليجد نفسه ينتمي لبلد لا تربطه به أي صلة، وهناك من رفض ذلك فوجد نفسه محاصر من كل اتجاه في مصدر رزقه وكافة حقوقه الإنسانية.

وقد شاهدنا ما حدث مؤخرا لطلبة الجامعة من البدون الذين حرموا من استلام شهاداتهم في يوليو الماضي بسبب الجهاز المركزي، وهذا ليس إلا غيض من فيض.

سياسة الجهاز المركزي التي تبدو إنها عازمة على تحويل البدون (عديمي الجنسية) إلى مقيمين بصورة غير قانونية للتملص من المسؤولية أمام المجتمع الدولي هي سياسة فاشلة ساهمت بتعقيد هذه المشكلة وخلقت فئات أكثر تهميشا بسبب عزلهم اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، والضغط على حقوقهم الأساسية وتوجيههم بطرق مختلفة للتنازل عن المطالبة بحقوقهم المسلوبة، كما حدث في قصة الجوازات الوهمية التي راح ضحيتها عدد كبير من البدون، و خطة منح جوازات اقتصادية من بعض الدول كجزر القمر والسودان وذلك حسب مانشر في بعض الصحف، ولا أعلم ما هو القادم ولكن التوجه العام لا يبشر بالخير وخاصة مع عودة الخطاب العنصري الذي يلوح بشعار الهوية الوطنية وما هو إلا تأجيج للشارع الكويتي المنهك من كم الفساد المتفشي ليغرق بالمزيد من التفتت والانقسام، وبث القلق من فكرة تجنيس المستحقين من تلك الفئة خوفا من مشاركتهم للمواطنين بالرفاه الذي افتقدناه بل و أصبح مهدد بالزوال!

هكذا حال بعض السياسيين يبررون اخفاقاتهم بالحجج السخيفة، وينشرون الريبة ليتصدروا المشهد كأبطال منقذين!

الخلاصة

نفى الجهاز المركزي حقوق غالبية البدون واتهمهم بالتزوير، و ادعى بامتلاك كافة المستندات التي تدينهم، دون اتخاذ الإجراءات القانونية ومحاكمتهم، هو أمر مستهجن، ويضر بالأمن العام، ويتوجب على الإدارة الحكومية الحالية لو كانت بالفعل جادة بالإصلاح وتهتم لسمعة وأمن واستقرار هذا البلد، محاسبة كل من أساء استخدام السلطة في هذا الجهاز، وتمكين المتضررين من البدون للجوء الى القضاء وهو حق كفله الدستور و أقرته كافة المواثيق الدولية.

لَوْ!