عفو عام
إيمان جوهر حيات
10/28/2019
بعض المفاهيم التي وردت في المادة 75 من دستور الكويت 1962 والخاصة بالعفو.
مفهوم كلمة العفو هو الصفح والغفران أو التغاضي عن ذنب أو خطأ ما.
«وحسب آراء وتصريحات ثلة من المتخصصين في القانون لا بد من تسليط الضوء على كلا المفهومين: العفو الخاص، هو عفو يصدر بمرسوم أميري وبه تُلغى العقوبة أو تخفيضها دون التعرض للنص التجريمي؛ أي لا تسقط الجريمة، ولا يشمل من لم تصدر بهم أحكام نهائية. أما العفو العام، أو الشامل، فهو بيد مجلس الأمة ويصدر بقانون، وبه تُلغى العقوبة وتسقط الجريمة أيضا»!
واستنادا إلى المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان فإن «لكلِّ شخص حقُّ التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحقُّ حرِّيته في اعتناق الآراء من دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقِّيها ونقلها إلى الآخرين، بأيَّة وسيلة ودونما اعتبار للحدود».
تصدح في الشارع الكويتي اليوم نداءات ومطالبات تنادي بالعفو العام عن أبناء الوطن، وبوجه التحديد أولئك الذين صدرت ضدهم أحكام بسبب آرائهم حول الفساد المتفشي في أغلب مؤسسات البلد، وسوء الإدارة، وقمع الرأي المختلف، ما أدى إلى تشتيتهم بين المهاجر والسجون.
ورغم ما يثيره توقيت ارتفاع نبرة المطالبات الإصلاحية من شك وقلق، خاصة مع اقتراب موعد افتتاح دور الانعقاد، وقرب الانتخابات القادمة، والتحضيرات على قدم وساق، وعمليات التجميل والتلميع «شغالة» ومخرجي أدوار البطولات على أتم التأهب والاستعداد، والممثلين بانتظار الأدوار، وحقائب المال السياسي جاهزة.
فإننا أصبحنا نتمسك بأي قشة لعلها تنقذنا من الغرق.
نرى اليوم مطالبات بعفو عام، الذي هو، أساسا، ضمن صلاحيات مجلس الأمة حسب المادة الـ75 من الدستور! ولكن لنقف لحظة وننظر للأمر من وجهة نظر منطقية.. ألا يعتبر الخطأ الأساسي هو القوانين المتعسفة التي استخدمت في إصدار الأحكام ضد كل من يعبر عن وجهة نظر مختلفة تحتمل الصواب والخطأ. أو انتقادا واستنكارا لوضع غير قويم أصبحنا جميعا نراه بوضوح يتوغل في معظم مؤسسات البلد!
من المفترض أن يعفو عمن؟
من يتحمل سوء التخطيط وسوء الإدارة وسوء التشريع وقصر النظر المواطن البسيط أم المسؤول الملتصق في كرسيه، والذي أساء الكثير منهم استغلال منصبه وسلطته، ولم يكلف نفسه بالخروج للشعب وتحمل المسؤولية عن إخفاقاته والاعتذار أو الاعتزال! وهذا سبب من أسباب تردي الأحوال.
إن كانت هناك رغبة حقيقية للإصلاح، فيجب التخلص أولا من النزاعات السلطوية وسياسة الفرض، التي تمارس من قبل فئة ذات نفوذ أو مدعومة من قبل أصحاب المال والسياسة، للسيطرة والتسلط على حرياتنا والتدخل في شؤون حياتنا تحت شعارات لا يتعدى كونها أكثر من محاولات بائسة في استقطاب فئات معينة لمصلحة شخصية تتلخص في تحقيق مكاسب أو حصر أصوات انتخابية. والأجدر هو التركيز على تحقيق أسس ومبادئ العدالة الاجتماعية التي ثارت لأجلها أغلب الشعوب من حولنا.
وعلينا جميعا تصفية القلوب، والمضي نحو مستقبل مشرق متصالحين مع ذواتنا متعايشين مع اختلافاتنا، وإجراء صلح شامل وإصلاح يستند إلى أسس علمية لكل أرجاء الهرم، حفاظا على هذا الوطن من انعكاسات التصعيدات الإقليمية التي لا تبشر بالخير.