أهمية العلوم الاجتماعية
نشر 28 يونيو 2021
إيمان جوهر حيات
12/14/2023
أين دور متخصصي العلوم الاجتماعية والانسانية ومفكري ومثقفي الكويت مما يحدث من تصعيدات في ساحتنا المحلية؟
لا أقلل من جهود البعض الذين يحاولون تخطي القيود للتعبير عن آرائهم الفردية كمواطنين يرون أنفسهم مسؤولين وشركاء في هذا الوطن والصعوبات التي يواجهونها في الاطلاع على المعلومات التي تساعدهم في وضع الحلول المناسبة والمنطقية، ولا أتحدث عن بعض من باعوا أقلامهم وضمائرهم بثمن بخس أو من دخل الخوف في قلوبهم، ولكني أتحدث عن عمل جماعي منظم مبني على أسس منهجية، يتفاعل من خلاله كل المتخصصين في العلوم الاجتماعية والإنسانية، لتبيان ورصد ما أحدثته العلوم التكنولوجية والحياتية من تطورات وتغييرات وتأثيرها في مسار حياتنا، وضرورة إدراك الثقافة المصاحبة لهذا التطور وغرسها في الوعي الجمعي للمجتمع، لعلنا نجد ضالتنا من زاوية مختلفة تتكامل مع وجهات النظر السياسية المتأججة، وتعالج التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية، وتصون مقدرات هذا الوطن.
لم تعد استراتيجيات السيطرة وتغييب وعي أفراد المجتمع وإلهائهم وشل طاقاتهم وإحباطهم، من خلال التحكم بوسائل الإعلام وتدجين اغلب مؤسسات المجتمع المدني، وتضخيم التفاوتات، والظلم الاجتماعي والاقتصادي والتعليمي والصحي، وتقييد الحريات، وتعتيم المعلومات، أساليب تتناسب مع هذا العصر المنفتح والمتشابك والبالغ التعقيد، تفشي العنصرية والعنف في المجتمع وارتفاع نبرة الغضب والاستياء بين أغلب أفراد المجتمع، والتشكيك بكل إجراء أو خبر تنقله الحكومة بطريقة مباشرة أو غير مباشرة هو دليل على وجود خلل في النظام الذي فقد مصداقيته بسبب تفاقم الفساد، والإخفاقات المتكررة والتناقض في التصريحات التي أغلبها مجرد رد فعل لا يحمل في ثناياه أدنى قدر من المسؤولية.
تطورت العلوم الاجتماعية كمجال للدراسة وتحليل السلوكيات البشرية خلال القرن التاسع عشر، وتدرجت أهميتها حتى أصبحت اليوم أحد أهم روافد المعلومات التي تستعين بها اغلب التخصصات والمؤسسات، لإحداث التغييرات اللازمة والتطوير من مستوى أدائها، ساعدت العلوم الاجتماعية على فهم أثر التكنولوجيا والتقنيات الجديدة لهذا العصر على السلوكيات البشرية، وقد استوعبت الدول المتقدمة أهمية تلك العلوم في رصد المعرفة المحلية التي على أساسها تُرسم السياسات العامة التي تحدد سمات المجتمع في كل مجالات الحياة، وبما يتناسب مع متطلبات التغيير، وتعزز الوعي العام من خلال تطوير نظم التعليم وتحرير وسائل الإعلام المختلفة التي دورها الأساسي هو توفير المعلومات الصحيحة والتحلي بالشفافية والمصداقية، وأهمية إتاحة حق الاطلاع وتداول المعلومات التي تمكن المجتمعات من المشاركة في اتخاذ قرارات مستنيرة ومسؤولة، والمحافظة على الاستقرار السياسي الذي لا يتحقق إلا من خلال المساواة، وحماية الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، والرعاية الصحية، والتعليم، والتوظيف، والإسكان، والوصول إلى التنمية المستدامة وتحقيق الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية.
آن الأوان أن يتكاتف أكاديميو البلد ومثقفوه، وان تنهض مؤسسات المجتمع المدني من سباتها والعمل على تعديل الاعوجاج الذي أصاب اساساتنا، واحتواء كل الآراء المختلفة دون تمييز أو استثناء، ووضع البرامج التي من شأنها حماية الديموقراطية والضغط على الحكومة لإحداث الإصلاحات المستحقة، وغرس القيم الإنسانية والمدنية لإنشاء مجتمع يتقبل التعددية والاختلاف، وتسخير كل الإمكانات للاستثمار في تنمية مواردنا البشرية.