احتجاج سلمي

إيمان جوهر حيات

1/18/2021

قادت المرأة في الغرب مسيرات احتجاجية مختلفة مطالبة بحقوقها المدنية والإنسانية وقد حظيت بأغلب تلك الحقوق وفرضت وجودها، بينما إزهاق أرواح كل من هاجر وزينب وفاطمة وشيخة وغيرهن كثيرات قُتلوا بدم بارد، ولم يحرك ذلك نساء المجتمع والمناصرين لحقوقهم إلا ببعض الهاشتاقات و الندوات و تغطيات بعض الصحف والمجلات!

تُقتل النساء في الكويت لأسباب مختلفة أغلبها يُلصق بجرائم الشرف التي تمنع المرأة من اختيار شريك حياتها دون قبول أسرتها بحجة أنه ليس من مواخيذهم! وهذا الأمر لا يقتصر على القبائل، بل هو سائد بين بعض العوائل الحضرية باختلاف معتقداتهم ذات الجذور الاقتصادية المؤطرة بالدين والأعراف، فهناك من يخشى خروج الإرث والنفوذ من دائرة العائلة فيُحَتم على أبنائه مصاهرة من تراه الأسرة يعزز من مكانتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للحفاظ على وجودها و استمرارها، دون الاكتراث بمشاعر هؤلاء الأبناء، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل بعض الأسر المغيبة تمنع فتياتها من التعلم بحجة أن المرأة مكانها بيتها وزوجها وأولادها، أو تحرمها من اختيار التخصص الذي ترى شغفها به بسبب طبيعة بيئة العمل التشاركية بين الرجل والمرأة، وهناك نساء تضرروا نفسيا وماديا بسبب قضايا الميراث أو استغلال ذويهم أسمائهن في فتح بعض الأعمال التجارية التي في كثير من الأحيان تكون مخالفة للقانون وتتحمل هي كل العواقب، ومآسي يشيب لها الرأس.

وفي مقابل كل هذا لم نرى تحرك احتجاجي منظم وسلمي ضد هذا الاجحاف بحقوق المرأة لأسباب عديدة أولا عدم استقلالية أغلب مؤسسات المجتمع المدني التي تخضع تحت سيطرة الحكومة وبعضها مجرد واجهة للحكومة لتظهر بمنظر مدني متحضر أمام المجتمع الدولي، ثانيا بعض النساء تم برمجتهم على الطاعة العمياء وتقبل السيطرة الذكورية والكتمان! ثالثا ظروف أزمة وباء كوفيد19، لذلك هناك الكثير من حالات الاضطهاد والعنف التي لم يتم التبليغ عنها التزاما بالعرف والعادات وفتاوي بعض رجال الدين، و خوفا من وصمة المجتمع! وبر السالمي مسرح صغير لتلك الجرائم البشعة.

تلك حالات موجودة في مجتمعنا الكويتي، ولن تتوقف حتى تصبح الغاية من تشريع القوانين المدنية هي حماية أفراد المجتمع وليس لأجل ارضاء الأمم المتحدة وكسب ود المجتمع الدولي، فمثلا عند تأسيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة عام 2006، تنفيذا لاتفاقية سيداو التي صادقت عليها الكويت، و أحد المهام المناطة بالمجلس هو تأسيس مراكز إيواء النساء المعنّفات وأولادهن القصَّر وظل الأمر معلق حتى عام 2016 حيث تم افتتاح أول مركز إيواء واستماع (فنر)، استجابة للضغوط الدولية ولكنه ظل مهجور نتيجة لعدم وجود هيكل تنظيمي ولا غطاء قانوني وإداري لتسهيل عمل هذا المركز، فهل سيكون منتهى قانون الحماية من العنف الأسري الصادر في 20 سبتمبر 2020، إلى ذات المصير؟

تملص الدولة من أداء مسؤولياتها في الحفاظ على حقوق وحريات كافة أفرادها دون تمييز أو استثناء هو ما يقوض من دورها، ويحفز على نمو ثقافات فرعية متمردة لا تعترف بسلطة القانون.

كلنا مقصرين ومسؤولين عن كل قطرة دم أُهدرت وكل صرخة استغاثة أُهملت.

المرأة شريك في المجتمع وعدم إنصافها هو تبديد لهذه الطاقة البشرية التي نحن اليوم في أشد الحاجة لها.