الأمن الغذائي المحلي ١

إيمان جوهر حيات

10/9/2018

الأمن الغذائي مصطلح يقصد به مدى قدرة أي بلد على تلبية احتياجات سكانه من الغذاء الأساسي من منتوجه المحلي، وهذا الأمر مهم جدا وخاصة في وقتنا الحالي، حيث نعاصر سياسة غير مستقرة دولياً ولا تنبئ بالخير، أو قدرته على الشراء من الخارج تحت أي ظرف، ومهما كان ارتفاع أسعار الغذاء العالمية. كانت المياه الإقليمية غنية بكميات كبيرة من الربيان والأسماك وكافية للاستهلاك المحلي الذي اعتمد عليه سكان الكويت لوفرته وجودته وقلة أسعاره، وكان الفائض من الربيان الكويتي يصدر إلى خارج الكويت وبأسعار عالية ومجزية، وعلى اثر ذلك أصبحت هذه التجارة المربحة تحت رحمة سفن صيد الربيان، والتي تعمل بالجرف الخلفي، حيث ترمي هذه السفن شباكا قاعية وتسحبها بالقوة الميكانيكية لمسافات معينة تكرف من خلالها كل شيء بالقاع، حيث ان أكثر من ٧٥٪ من الصيد عبارة عن يرقات وصغار الأسماك، وغذاء الأسماك الصغيرة (طحالب)، فالشباك لا تفرق بين نوعية وأخرى. ولا ننسى مخلفات المصانع، وجشع بعض الصيادين، والقراقير الحديدية المرمية في القاع، وافتقار بعض الأفراد الى الثقافة البيئية ورميهم لكل مخلفاتهم بالبحر وخاصة البلاستيكية وأثره المدمر على البيئة البحرية، وغياب الرقابة وقصر النظر الحكومي، وتدشين الإنشاءات الجديدة في شمال الكويت البحري، وخطط الاستثمار المستقبلية، خاصة في المنطقة الشمالية البحرية، كل ذلك وللاسف هو استمرار في تدمير البيئة البحرية، خاصة في شمال الكويت التي تتميز بقلة الملوحة وهي مفارخ الزبيدي والربيان والصبور، والتجفيف المتعمد لمنطقة الأهوار التي تعتبر مربى لبعض الأسماك الصغيرة التي فرغت في الكويت والمطلوبة والمرغوبة محلياً. ونظرا لكل هذه العوامل، بالإضافة لازدياد الاستهلاك على الموارد البحرية لزيادة سكان الكويت، تناقص هذا المصدر المهم وازدادت بذلك الاسعار طردياً وبشكل مبالغ وملحوظ.

الكويت ليست الوحيدة التي تعاني من نقص حاد في الموارد البحرية، والتي هي من أهم الموارد الطبيعية للأمن الغذائي، الكثير من الدول والتي كانت ولا تزال تعتمد على الموارد البحرية أصبحت تعاني من هذا التناقص، ولكنها بدأت بتجارب على كيفية استزراع بعض الأصناف من الأسماك والربيان في بيئتها الطبيعية ومهدت لذلك بإيجاد مناطق خاصة محمية من الدمار لاستزراعها وتقليل رخص الصيد.

قامت الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية بوضع بعض اللوائح التي تحد من الصيد الجائر، ومنها تكبير فتحات شباك الصيد، واستبدال الشباك البلاستيكية بشباك قطنية، وتحديد فترة الصيد، وتقليل رخص الصيد، علما بأن دمار بيئتنا البحرية يتوقف على جملة من الأسباب أهمها هو ان القوانين لم تطبق بشكل فعال، والدليل تناقص كميات صيد الربيان من عشرة آلاف طن تقريبا الى ألف طن، حسب احصائيات الهيئة وغياب الرقابة والمحاسبة وبعد النظر.

كما قام معهد الأبحاث قبل اكثر من 25 سنة بعمل العديد من الدراسات وتكليف الكثير من المصاريف لدراسة استزراع الربيان والأسماك، ولكنها الى يومنا هذا لم تدخل في نطاق التطبيق والتنفيذ نظراً لقلة الأراضي البحرية الصالحة للاستزراع، وارتفاع التكلفة، وكذلك لارتفاع نسبة التلوث في مياهنا الإقليمية، وعدم رقابة الحكومة على المعهد.

فما فائدة النجاح باستزراع الربيان بتكلفة باهظة وخيالية؟!

وما الهدف من إنشاء الهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة الحيوانية والسمكية؟

في المقال المقبل سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها.