البدون أولوية‎

إيمان جوهر حيات

8/30/2021

التعصب يعمي البصيرة والظلم المسكوت عنه يتمدد، فتلك المرأة الكويتية المتزوجة من اجنبي مهضومة حقوقها فلا تستطيع تجنيس أبنائها ولا أن تورثهم عقارها إن وُجد لأنها فقط امرأة نصف عقل، بلا إرادة هكذا يعتقد الكثيرون المستندون على بعض الأعراف والتقاليد والقوانين التي تصنف المرأة تابعا في المواطنة لا شريكا عاقلا لها ذات الحقوق والواجبات.

ونسمع ارتفاع نبرة مخيفة تقسم الكويتيين حسب الاعتقادات الروحية والفكرية والأصول والنسب، ومن يحمل جنسية أولى بالتأسيس عمن يحملها بالتجنيس! وأصبح الولاء حكرا على فئة محددة تجمعها جينات متشابهة أو مصالح مشتركة لا تكترث لحقوق وحريات الآخرين المختلفين الذين يتشاركون معهم المواطنة!

أصبح المواطن مثقلا بالهموم بسبب الإسكان والتعليم والصحة والسياسة والاقتصاد والحاضر والمستقبل!

ليت الموهومين بالتفوق الجيني أو المغيبين بتشويه الحقائق التي تمس قضية البدون التمعن قليلا في ما يستجد على احوالنا، وكيف أصبح ارتداد ما تعرض له بشكل ممنهج البدون بمختلف أنواع العقاب النفسي والعقلي والجسدي بسبب سياسات غير حكيمة ومسؤولين ينكرون ويكررون أخطاءهم ولا يجدون من يوقفهم بل أحيانا كثيرة على أدائهم المخذل يكافأون، فما هي الرسالة التي تفهم من ذلك؟

دقت نواقيس الخطر وها نحن نجني حصاد سنوات من التراخي والخذلان وصراعات المصالح التي انعكست بشكل سلبي على المجتمع وطالت أطفالنا وشبابنا الذين من المفترض أن تحميهم وتحصنهم وتدعمهم الدولة، ارتفاع حالات العنف، ارتفاع حالات الإدمان، جرائم، انتحار، مع تحفظي على أغلب الإحصائيات، فهناك الكثير من الحالات لم يتم توثيقها بسبب الخوف من وصمة المجتمع وعدم الثقة بحماية القانون، وهذه بحد ذاتها مشكلة خطيرة تستوجب التوقف وتستدعي بعد البصيرة!

السكوت عن حق عديمي الجنسية هو السماح بالتعدي على حقوق المواطنة ولا يوجد أكثر إيلاما من أن أغلب من يدفع ثمن هذا السكوت هم فلذات اكبادنا الذين نأمل أن نوفر لهم بيئة مستقرة ومزدهرة وصالحة للعيش لا بيئة تستنزف طاقاتهم بسياسات مرتجلة تقودها المصالح الآنية قصيرة النظر طاردة الكفاءات.

وما نشهده اليوم من تعسف في استخدام القوانين المستندة على تشريعات مطاطية مليئة بالثغرات التي تستخدم في قمع الرأي المختلف أو وجهة النظر الناقدة، هو نتاج أيضا السكوت عن كلمة الحق والتماهي مع الظلم ظنا من أن ما يصيب غيرنا لن يصيبنا أو يمس احبابنا.

ان ما نشهده اليوم من توترات على جميع الأصعدة، هو في الأغلب نتاج صراع المصالح الذي عزز الأنانية والجشع وفتح الابواب لأصحاب الفكر العنصري والمتطرف لشق وحدة المجتمع وإضعاف الجهود المبذولة للملمة هذا التبعثر حماية لهذا الوطن الطيب الذي يحمل ذكرياتنا، والذي يستحق أن تتكاتف الجهود المخلصة التي تطمح في مستقبل مشرق وواعد لتضع بصمتها اليوم كي تكون غدا نقطة انطلاقة يفتخر بها الأبناء ويسيرون على منهاجها.

قضية البدون أولوية والتضامن مع هذه الفئة المظلومة ونصرة حقوقهم وإنصافهم هو صيانة وحماية للمجتمع بأسره الذي أصبح اليوم رهينا للتخبط والفساد وانعدام الأفق.