التغريد ليس جريمة ٢
إيمان جوهر حيات
2/4/2019
«الحرية الفكرية تقمع الإرهاب، ومن المستحيل ان نكون أحراراً ما لم نكن أحراراً في تفكيرنا وفي التعبير عنه» - عبدالله القصيمي بشكل عام الصراع لأجل نيل الحريات أزلي وعالمي، رغم تفاوت نسبه من دولة الى أخرى، ولكن يعاني شرقنا الأوسط من أزمة حقيقية مع مفهوم الحريات، التي يعتبرها البعض باباً للشرور لابد من إحكام إغلاقه ومحاربة كل من يفكر أن يقترب من ذلك الباب بأقصى العقوبات، بينما يعتبرها البعض الآخر ممن يدعون الحرية إنها تلك الشكليات من ملبس ومأكل وغيرهما من الأمور الظاهرية، التي لا تشكل إلا قشور الحرية دون إدراك جوهرها. علماً ان الحرية لا تقتصر على تلك الشكليات، الحرية هي أن تتمكن من ان توسع مداركك ووعيك، وان تناقش وتنتقد وتفكر وتبدع من دون وصايا وقيود، وهذا بكل تأكيد لا يعني أبدا التقليل من شأن الآخر المختلف والضرر به، بل تقبل هذا الاختلاف هو محور الارتقاء والتقدم الذي لابد أن نسعى له. للأسف البعض يتشبث بالقشور ولا يدرك أهمية الجوهر، وتلك بحد ذاتها مشكلة عويصة تعاني منها اغلب مجتمعاتنا.
ماذا استفدنا من الجمود والرغبة المستديمة لخلق نسخ بشرية متطابقة فكرياً غير المزيد من العنف والدمار والفساد وانتشار الكراهية والأحقاد والنفاق وزعزعة الأمن والاستقرار، أليس هذا ما نعاني منه ونشاهده جميعاً على مدار الساعة وعبر وسائل الإعلام؟
بكل تأكيد إعطاء الأفراد مساحة من الحرية ليعبروا عن آرائهم وأفكارهم لن يعصم المجتمع من الصراع، ولكن هذا الصراع الفكري القائم على النقد والمناقشة والحوار كفيل بتشكيل وعي الأفراد بمحيطهم، وما يترتب على ذلك من تطور لمداركهم ومفاهيمهم، ويمكنهم من خلق تراث حضاري مشترك ومنفتح على عملية التغيير، التي لا تعرف السكون ولا تتواءم مع الجمود.
يصعب علينا أن نرى الكويت، التي كانت منبراً للحريات قياساً بالدول التي حولها أن تتراجع بشكل لافت للنظر، بسبب تلك التشريعات المعيبة التي تمخضت عنها قوانين مقيدة للحريات تلاحق الأحرف المكتوبة والمنطوقة بأشد العقوبات، فهل معقول أن يسجن إنسان لعشرات السنوات لمجرد تصريحه برأي قد نتفق أو نختلف معه؟
علماً ان الدستور الكويتي في المادة ٣٦ والمعاهدات الدولية المصادق عليها من قبل دولة الكويت قد صانت وكفلت حق إبداء الرأي، ولكن نرى تجاهلاً غير مسبوق لذلك، ولا نفهم المغزى من ورائه غير مضرة سمعة الكويت، بدليل تراجع تصنيفها في أغلب المؤشرات الدولية، وخاصة فيما يتعلق بمسألة الحريات.
حملة التغريد ليست جريمة وُجدت لنصرة حقوق السجناء والمهاجرين المحكوم عليهم بقضايا الرأي، الذين تعثروا بالقوانين المقيدة للحريات بسبب تشريعات تفتقر الى بعد النظر، وهي تطالب أعضاء البرلمان بالبر بقسمهم والذود عن حريات الشعب.