التغيير.. وجودو المنتظر!
إيمان جوهر حيات
12/21/2020
ما حدث من فوضى في البرلمان خلال جلسة افتتاح الفصل التشريعي السادس عشر وعدم التزام الاشتراطات الصحية لأغلب المتواجدين في القاعة أمر مهين ويستوجب من بعض الأعضاء الذين يتوسم اغلب افراد المجتمع فيهم الخير التقدم ببلاغ إلى النائب العام إضافة إلى لجنة التحقيق البرلمانية المزعوم تشكيلها.
كان المشهد أشبه بمسرحية هزلية فاشلة مليئة بالكلمات المبتذلة وتكرار المشاهد ذاتها التي تفتقر للحبكة الدرامية وعاملي التشويق والاثارة لجذب انتباه الجمهور الذي تنبأ مسبقاً في مجريات العرض قبل رفع الستارة.
ورأيت الناقدين الجالسين في الصفوف الأمامية وقد تناسى أغلبهم فن النقد وكيفية تطويع واستخدام أدواتهم التكتيكية والفنية، مكرسين تركيزهم على الجمهور الماكث خلف الشاشات وجل ما فعلوا كان استنكار إما عن طريق صراخ وإما انفعالات جسدية وتعبيرات وجوه لا أكثر.. ومن استدرك تدهور المشهد وأدرك سوء النص والإخراج والتمثيل، وسارع باستخدام أدواته وجد نفسه وحيداً وسط فوضى عارمة.. كما ذكرني رد فعل المجتمع المنتظر الخلاص واضعاً أمله في هذا البرلمان بمسرحية في انتظار جودو، وهي كوميديا تراجيدية للكاتب الأيرلندي صموئيل بيكيت، نُشرت عام 1952 وتم إنتاجها لأول مرة عام 1953.
تدور أحداثها حول شخصيتين تائهتين بائستين مغيبتين، هما فلاديمير وإستراجون، اللذان ينتظران وصول جودو الغامض المنقذ، الذي يرسل الأمل بالظهور لكنه لا يفعل ذلك أبدًا، ومع ذلك كل ما يفعلانه هو فقط الانتظار.
نستطيع جميعا تخطي كل ما حدث لو فكرنا بالمصلحة العامة أولاً، والعمل على إحداث التوازنات المستحقة وتطوير الديموقراطية ورفع سقف الحريات لنستطيع مواكبة متغيرات الأمور والمضي نحو المستقبل، والتحرك نحو التكافؤ السياسي لحماية حقوق جميع أفراد المجتمع من دون تمييز أو إقصاء وتمكينهم من اللجوء إلى القضاء (المستقل والعادل) في حالة حدوث أي انتهاك لحقوقهم من أي طرف مهما بلغ نفوذه أو سلطته، هكذا يُخلق الشعور بالأمان والاستقرار، وهذا ما نحتاجه.
أغلبنا يعلم جيداً أن التغيير المرجو لا يمكن أن يحدث بين عشية وضحاها لكن لكل تغيير بوادر تقاس من خلال مؤشرات علمية معتمدة دولياً ترصد نسبة التغيير ويتحدد من خلالها مدى جدية ومصداقية الحكومة في إحداث التطوير والإصلاح، هذه البوادر هي ما يُنتظَر أن يراه أغلب أفراد المجتمع الذين سئموا الشعارات الهزيلة والوعود الفارغة التي لا غاية من ورائها سوى التخدير وخلق الإحباط واليأس.
علينا الخروج من تلك الدائرة الضيقة بقراءة صحيحة لكل ما حدث ويحدث من حولنا، أزمتنا اليوم ليس فقط ما أحدثه فيروس كورونا من قصف لأغلب مجالات حياتنا، بل هو حصيلة تراكمات سابقة من الإخفاقات في مقابل سلسلة متراصة من التطورات التقنية العلمية التي شرعت أبواب حرب أخرى متنبأ بها مسبقاً وهي الحرب السيبرانية، فهل نحن محصنون من تلك الحرب الشرسة التي لم تسلم منها أعتى الدول في التقدم العلمي والتكنولوجي؟ أم علينا أن ننتظر ظهور المنقذ جودو أو ننتظر وقوع فاجعة مريرة أخرى حتى نستفيق من سباتنا لكن بعد فوات الأوان؟
التغيير يستوجب الحكمة واليقظة والعمل والمرونة.