أمريكا والملفات الشائكة
نشر 01 فبراير 2021
إيمان جوهر حيات
12/31/2023
مرة أخرى تتغير السياسة الأميركية في المنطقة مع تسلم الديموقراطيين حقيبة الرئاسة المثقلة هذه المرة بالمشاكل الداخلية، وتعود الولايات المتحدة من جديد لفتح الملفات الشائكة للشرق الأوسط وإخضاعها للمراجعة والدراسة لتقييم الوضع العام، وخاصة ملفات التسليح وإحلال السلام وحقوق الإنسان ووضع إيران واليمن.
بينما تترقب أغلب حكومات الشرق الأوسط بحذر ما ستفضي عنه نتائج إعادة النظر في ملفاتها المبعثرة والشائكة من قبل الإدارة الأميركية الجديدة، تعيش معظم شعوب المنطقة في قلق واضطراب غير مسبوقين رصدهما التقرير الخامس الباروميتر العربي لسنة 2019، وهي مؤسسة مدنية بحثية، تخضع لإشراف جامعتي برنستون ومتشيغان، وقد سلط التقرير الضوء على تراجع كبير في ثقة أغلب المشاركين بحكوماتهم ومؤسساتهم التشريعية، مقارنة بالاستطلاعات السابقة للباروميتر بسبب تفشي الفساد وملفات حقوق الإنسان وتراجع الحريات، وعدم تكافؤ الفرص، مما أدى إلى تصاعد موجة الغضب الشعبية التي سئمت من السياسات السلطوية البائدة المحفزة للانقسامات الداخلية لأجل مآرب لا ترى ضرورة إحداث الإصلاحات الجذرية التي هي في نهاية المطاف تحصين للأنظمة من الوقوع في شرك السياسات الدولية المتقلبة، التي لا صديق ولا عدو دائماً لها، وتضع مصلحتها العليا فوق كل اعتبار.
مازال وضع الكويت مقارنة بما يحدث من حولنا هو الأكثر أمناً واستقراراً، رغم تراجع الثقة في الحكومة والبرلمان بسبب استمرار النهج نفسه الذي ساعد في تفشي الفساد وأصبح الهاجس الأكبر لدى أغلب أفراد المجتمع، وقد رصد استطلاع الباروميتر من خلال سؤال عينة تضم مختلف شرائح المجتمع الكويتي، عن أهم تحديين يواجهان البلد في المرحلة الحالية؟
فكان التحديان الأولان، حسب رأي العينة في الدورة الثالثة سنة 2014، هما الوضع الاقتصادي (الفقر، البطالة، ارتفاع الأسعار) بنسبة %57.5، والفساد المالي والإداري في السنة نفسها شكل نسبة 25.3%، وقد تغيرت هذه الآراء في استطلاع 2019، حيث تصدر الفساد المالي والإداري قائمة التحديات بنسبة %42، وأصبح نسبة الوضع الاقتصادي 11.8% .https://www.arabbarometer.org/ar/
ربما تختلف الآراء والأولويات بشكل طفيف في سنة 2021، وخاصة مع المستجدات الكثيرة التي نواجهها، ومن ضمنها أزمة كوفيد-19، وتغير توجهات السياسة الدولية التي أصبح محورها، كما تدعي، هو بسط السلام وحماية حقوق الإنسان، ومواجهة أزمة التغير المناخي التي لا تصب في مصلحة الدول النفطية التي لم تسعَ وتبادر إلى تنويع مصادر دخلها، وللأسف تلك هي معضلة دولتنا صاحبة الرؤى المستقبلية الجميلة والمشاريع الواعدة.. لم تطبق أهم ركيزة وهي الاستثمار بأهم طاقة مستدامة وهي الإنسان، فمازال النظام التعليمي مُسيساً ومترهلاً، وانخفاض سقف الحريات وانحراف ميزان العدالة.. وتلك عوامل أدت إلى ظهور العديد من السلوكيات السلبية كالإدمان وتصاعد العنف في المجتمع، وخاصة بين الشباب، وذلك أحد انعكاسات الصراعات السياسية والنخبوية منبع الفساد التي تسببت في إحداث خلل في المنظومة الاجتماعية والثقافية والقيمية، وهذا مؤشر خطير يهدد أمن المجتمع والبلد واستقرارهما.
حفظ الاستقرار الداخلي، بتطبيق العدالة والالتزام بالمبادئ الديموقراطية وحماية الحقوق الإنسانية، والانسلاخ من المنهجية الريعية، هو السد المنيع الذي يحمي البلد من أي تدخلات خارجية أو أي صراعات داخلية مفتعلة.

