عن سمعة من تدافعون؟
إيمان جوهر حيات
9/24/2018
معاناة «البدون» تُكتب عنها قصص وروايات تراجيدية حزينة ومؤلمة في بلد العز والإنسانية، «البدون» أو من يطلق عليهم المقيمون بصورة غير قانونية، شاركوا في نهضة البلد، وضحوا في سبيل الوطن، والتاريخ حافل بمآثرهم وإخلاصهم لوطنهم الكويت. استغرب كثيراً تلك الأصوات العنصرية، التي تريد أن تطمس وجود تلك الفئة المظلومة من دون وجه حق، التي بنفس الوقت ترفع صوتها وتحرك جيوشها المأجورة والمغيبة للدفاع عن سمعة الكويت، والتلميع الفارغ المضمون والفحوى، نحن نشهد اليوم يا من تتحدثون عن السمعة منع الكتب ومنع التماثيل الفنية المصورة بأحدث التقنيات التكنولوجية، وغيرها من الأمور المخجلة التي تسيء بشكل مخجل الى سمعة البلد! إن كُنتُم صادقين بحبكم لأرض الوطن اعترفوا بأخطائكم، وتخلوا عن كبريائكم وعنادكم وعقدكم، وواجهوا الحقائق، واسعوا الى وضع الحلول التي بها فقط تستطيعون ان تصونوا سمعة الكويت محليا ودوليا، وليس بالتلميع وبضخ مليارات الدنانير. كونوا مسؤولين وانظروا يا من تتحدثون بحرقة عن سمعة الكويت كم الفساد المستشري في مؤسسات البلد وأنتم صامتون! انظروا الى تشريعات نواب الأمة، التي قيدت الرأي وكبلت الكلمة، وزج بسببها أبناؤنا في السجون وأنتم صامتون!
انظروا الى الجهاز المركزي، الذي كما صرح الفضالة في برنامج ديوان المُلا، الذي تم بثه عبر قناة اليوتيوب في تاريخ ١٩/٩/٢٠١٨، أنه يملك خمسة ملايين مستند على «البدون» وأن لديه كل ما يثبت ان الاغلبية من «البدون» مزورون في ادعائهم واستحقاقهم للجنسية، والسؤال اللي يطرح نفسه: لماذا لا تذهب الى القضاء وتتخذ الإجراءات الحاسمة تجاه من تدعي أنهم مزورون؟!
وللعلم الجهاز المركزي الموقر هو من زكى تلك الجوازات المزورة وتحت إشرافه فهل تنكرون؟!
كما صرح الكثير من «البدون» والناشطين أن شروط بطاقة الجهاز التي تحدث عنها الفضالة تعجيزية، وان الجهاز رفض تسجيل الكثير من حملة الإحصاءات، واشترط على البعض التوقيع على «صحة ما ورد في البطاقة» قبل حتى أن يتم الاطلاع عليها، ليتسنى للجهاز ادراج اي معلومات يريدها في البطاقة كموضوع القرين العشوائي. هل هذا يجوز في بلد الدستور والقانون؟!
اضافة الى ذلك، امتناع الجهاز عن إصدار بطاقات لأصحاب الجوازات المزورة، ووضع العوائق والعراقيل التعجيزية أمامهم، وفي آخر قراراته، كما وصلني، لحل مشكلة أصحاب الجوازات المزورة هو الحضور للجهاز، والتوقيع على تعهد بإصلاح وضعهم، والحصول على بطاقة ضمان صحي لها صلاحية أقل من سنة، وبعدها عليهم تعديل أوضاعهم الى جنسية الجواز المزور او الجنسية التي تختارها اللجنة.. ماذا تفعلون؟!
أسلوب الضغط والمساومات، الذي يمارسه الجهاز المركزي على «البدون» كما يتردد، وخاصة الذين يحاولون تجديد بطاقاتهم التي بها، يستطيعون الحصول على جزء لا يتجزأ من حقوقهم الانسانية، هو ما يسيء الى سمعة الكويت، وهو الذي من المفترض ان يعالج بحسم تلك القضية الأزلية، وإعطاء كل ذي حق حقة من دون لف ودوران وضغط وانتهازية.
وها هو نموذج من أبناء «البدون» او المقيمين بصورة غير قانونية، الذي وافته المنية في موقع عمله (مستشفى الجهراء) في مثل هذا اليوم، الموافق ١٨/٩/٢٠١٨، الدكتور الجراح طلال محمد الشمري، عن عمر يناهز ٣٩ عاما، وهو ينتظر في المناوبة تجهيز غرفة العمليات لإجراء عملية طارئة، توفي من دون هوية.
كنت انتظر من الحكومة ان تكرم هذا الإنسا،ن الذي توفي وهو على رأس عمله، بمنح أسرته التي كان يعيلها في حياته الهوية الكويتية، ألا يستحق ذلك؟!
علما بأن جد الدكتور عمل في شركة نفط الكويت منذ تأسيسها في منتصف الأربعينات تقريباً بكل اخلاص وتفان، والده خدم عسكرياً في وزارة الداخلية لأكثر من ٤٠ عاما بكل شرف وأمانة، وأنهت الداخلية خدماته منذ عام، وذلك لاكتمال عمره ٦٥ سنة.
ولا ننسى غربة هذا الإنسان، الذي اجتهد وثابر، لكي يحصل على شهادة الدكتوراه ليحسن من وضعه ووضع أسرته، ويخدم بلده الذي لم يمنحه هويته، ان صرف مخصصات شهرية لأسرة الدكتور المرحوم أمر جيد، ولكن هذا الشاب يستحق ان تكرم ذكراه بمنح عائلته الجنسية، التي هم بالأساس يستحقونها نظرا لسنوات الخدمة المشرفة التي قضوها في الكويت، وان صعب عليكم ذلك، على الأقل امنحوهم الجنسية على بند الأعمال الجليلة! أم تلك الأعمال محصورة بفئة من المقربين والأحباب!
هناك الكثير من النماذج المشرفة التي أثبتت حبها وولاءها لهذه الأرض الطيبة، واجتهدت وثابرت وأخلصت وضحت، وبالمقابل لم تحصل على أبسط ما تستحقه، وهي الهوية التي تشعر الإنسان بالأمان والانتماء.
أسأل الجهاز المركزي كم حالة وحالة لديكم مشابهة لوضع المرحوم الدكتور طلال وأهله؟
تلميع سمعة البلد بتزييف الحقائق لم يعد مجديا، الكويت لم تعد معزولة عن العالم، وعملية الإصلاح تحتاج الى قدر واف من الشفافية والصراحة وتحمل المسؤولية لمواجهة العثرات والمشاكل، حتى وإن أثر ذلك في سمعة بعض الأفراد المتنفذين الذين استفادوا بطرق غير مشروعة من بقاء الأمور على حالها من دون حلول، من يخشى على سمعة البلد هو من يعمل ويجتهد ويتعب لأجله، لا من يصرح ويزيف الحقائق لمصلحة مجموعة من المقربين أو فئة من المقتدرين.
وكفى.