أشقاء ولكن..
إيمان جوهر حيات
10/23/2018
شقيقان كل واحد منهما ساكن مع أسرته في بيت منفصل على ضفتي النهر، الأول ساكن على ضفة النهر اليمنى، والثاني على الضفة المعاكسة من النهر، كان الأول صياداً ماهراً، والثاني بياعاً شاطراً، تعاونا وتشاركا رزقتهما وعاشا بمحبة وسلام، وفي يوم من الأيام تم تقسيم ماء النهر لتفريق الأخوين.. وصار واجباً وطنياً على الأول أن يحمل السلاح ضد شقيقه ابن أمه وأبيه، وإلا يصبح خائناً لا يستحق الحياة، والوضع نفسه بالنسبة للثاني. وتفرق الأخوان وتشتت الأبناء بشعارات وطنية كاذبة كل غايتها تحقيق المصالح الضيقة لفئة وزمرة من المتحكمين والأعيان. هذه هي حال الكثير من بلدان أمتنا العربية والإسلامية، نزاعات مستمرة لا تقدر صلة القرابة والنسب التي تجمع بين شعوبها، وبدلاً من استثمار هذه العلاقات وتنميتها وتقويتها، يأتي من يطعن بها ويهول من أمرها، ويبث سمومه الفكرية، تارة باسم الدين والمذهب، وتارة باسم الولاء والوطنية، وكل هذا هراء في هراء، ولا غاية منه إلا التحكم والسيطرة والنهب المستدام، هم أرصدتهم تتضاعف في البنوك، وأجساد شعوبهم لا تسعها القبور. الى متى ستظل الحال طريحة لتلك الانقسامات والدمار والتشرذم والشتات؟
الى متى وأبواق الشر تهتف لترعبنا من جيراننا في الجنوب والشمال؟
الى متى أسلوب الضغط «والمعاير» الذي تمارسه بعض الدول الغنية على من تساعدهم من الدول الفقيرة والمحتاجة؟
والى متى يستخدم أسلوب غسل الأدمغة وطمس التاريخ، الذي لو بحث به بتمعن لوجدت اننا جميعاً باختلاف اصولنا تربطنا الإنسانية وليس الاعتقاد؟
والى متى تستخدم المساعدات المالية، التي تقدم من قبل متنفذين، مقابل تنفيذ اجندات وتحقيق مصالح بعيدة كل البعد عن الانسانية والمصلحة العامة؟
الى متى ونحن نشهد النزاع والدمار الذي حل على ليبيا والعراق وسوريا واليمن، والشقاق بين السعودية وقطر، والتوجس من إيران وتركيا، والمشاكل بين المغرب والجزائر.. إلخ.
ألا يكفيكم كل هذا الدمار؟
الحدود فصلت بين أراضينا، وجعلت منا وحوشاً هائمة بالأرض، كل واحد عينه على ما بيد غيره، وأصبح الطمع والجشع هما سيد المرحلة والحقبة السوداء التي نعيشها، استغلال الدين لأجل تحقيق دولة الخلافة المنتظرة ليس إلا غطاء على حرب المصالح الأزلية، التي شهدها التاريخ منذ بزوغ البشرية، متى نتوقف ونفكر بعيدا عن تلك المصالح الدونية؟ فالدمار لا يتوقف في مكانه، هو مثل النيران تبدأ بشرارة صغيرة وتنتهي بحرق كل ما حولها من دون استثناء، فهل هذا ما تريدونه؟
نحن في زمن العولمة والانفتاح، ومصالحنا أصبحت مشتركة، وكل دولة لها قدرة وثروة مختلفة عن الأخرى، ولكي ننهض علينا ان نتعاون في ما بيننا عن طريق عمل منظومة شرق أوسطية مشتركة، من خلالها نستطيع تبادل الخبرات والثروات لتحقيق النهضة والازدهار، فلماذا ما زال البعض لا يفكر إلا بالاستحواذ والسيطرة لا التعاون والمشاركة؟
علينا تنقيح ثقافتنا من الفكر المتسلط «والداثر»، الذي يظهرنا بأننا المنزهون الوحيدون على هذه الكرة الأرضية، والأوصياء على الخلائق، ونستبدله بفكر انساني يحترم التعايش ولا يقصي الاختلاف.
هذا إذا بالفعل هناك رغبة حقيقية في الإصلاح ولم الشمل، والخروج من دائرة الصراعات المصلحية التي لم نر منها إلا دموع الآباء والأمهات وجثث الأطفال!