بسّنا ردود أفعال
إيمان جوهر حيات
4/20/2020
في ثنايا النفس تكمن المشاعر الخفية، هي مجموعة من التناقضات التي أوجدتها الخبرات، فأصبحت مرجعا يستفيد منه المتعظون، ومنهجا يتشبث به المُضلون.
كم هي النفس البشرية معقدة في احاسيسها وفي ردود أفعالها، فلا الابتسامة تدل على الفرح، ولا الدموع تعني الألم، خلف الوقار تجد الرذيلة، والإنسانية أصبحت وظيفة تنتهي بالنزول من على خشبة المسرح.
هكذا أرى المشهد الحالي عبر شاشة المحمول الصغيرة.
المبالغة في ردود فعل عاطفية على بعض الأحداث تدل على وجود خلل أو كبت نفسي في الأغلب يكون ناتجا عن الإحساس بالظلم، أو التعرض لعدم الاحترام، أو فقدان احترام الذات، والضغط على أحد تلك الأزرار يتسبب في انفجار عاطفي يتمثل برد فعل مبالغ به قد يتعدى حدود الضرر النفسي، لذلك على المرء أن يكون أكثر إنصافا مع نفسه، وأن يتريث ويفكر قبل اتخاذ أو التفاعل مع أي رد فعل.
شاهدنا جميعا خاصة خلال هذه الازمة الحملة الشنيعة ضد بعض الوافدين الذين تذمروا على سوء أحوالهم المعيشية بسبب جشع تجار الإقامات، الذين استغلوا نفوذهم للكسب السريع من دون أن يراعوا ظروف هؤلاء الذين تغربوا عن أوطانهم وأهلهم بغاية إصلاح ظروفهم المعيشية، وتفاجأ أغلبهم بواقع غير إنساني ومهين وكذلك مسيء لسمعة البلد.
فكيف نلوم ردة فعل حانقة يتذمر بها هؤلاء على أوضاعهم؟
وقبلها الضغط والهجوم المبالغ به من قِبل بعض العنصريين أصحاب «الأنا» المتضخمة، على البدون الذين لا يزايد أحد على إخلاصهم وحبهم لبلدهم الكويت، وتسبب ذلك بإقدام بعضهم على الانتحار كردة فعل يائسة ومحبطة، ويجب عدم تجاهل خطورة ذلك الحدث، والحذر من استمرارية الضغط غير المبرر، الذي قد يؤدي إلى ردود أفعال تضر بسمعة البلد وكذلك بالأمن العام للمجتمع، وهذا ما لا نرغبه جميعا.
وياليت توقف الموضوع عند هذا الحد، حتى من هم بالمحاجر الصحية الذين من المفترض أن يلقوا الدعم النفسي من مجتمعهم قبل الصحي، لم يسلموا من بعض ردود الأفعال المبالغ بها، وشهدنا كيف فُتحت أبواب جهنم على انتقادات بعض المحجورين على خدمات معينة، بحجة الدفاع عن الوطن!
ولا أعلم ما هي مشكلتنا مع الوطن؟
ولماذا يسعى البعض باستمرار لإثبات انتمائهم من خلال التشكيك بالآخر المختلف، أو بممارسة العنصرية؟
وهل حب الوطن هو مجرد مادة للاستعراض؟!
حب الوطن هو إحساس عميق يُكتسب من خلال الشعور بالانتماء والقبول والأمن والثقة، ويتجلى بالعمل الدؤوب والاجتهاد في سبيل رفعة الوطن.
لا مجال اليوم للمناكفات الفارغة، و«بسنا» مبالغة في ردود الأفعال، فلسنا بحاجة لمزيد من التنافر والكراهية.
العالم يشهد تغيرات كبيرة تستدعي منا جميعا التضامن المجتمعي والدولي والكثير من المسؤولية تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين.
نحن عود من حزمة في هذا المجتمع الدولي، وان لم نُثَبِّت أقدامنا من خلال تجديد منظومة أفكارنا وتبني رؤية سديدة يتم بها قطع دابر الفساد وإصلاح الاختلالات الهيكلية التي نعاني منها لسنوات، وكسب الثقة المجتمعية، فلن ينقذنا نفطنا ولن تنعشنا صناديقنا الاستثمارية.
ما زلنا في بداية الطريق، وأتمنى بشدة ألا تكون جهود الحكومة الحالية في مواجهة هذا الوباء مجرد ردة فعل تزول بزوال الخطر.