فوضى سياسية‎

إيمان جوهر حيات

9/9/2019

في خضم الفوضى السياسية التي نشهدها اليوم، وضياع الأولويات وسط تهم الفساد التي طالت العديد من القياديين في أغلب مؤسسات الحكومة والبرلمان، والصراع الإقليمي المحتدم بين بعض دول الجوار والتدخلات الخارجية وصفقة القرن المبهمة، والتهديدات الأمنية التي تطفو بين الحين والآخر على الساحة المحلية، مع تعتيم واضح للمعلومات.. من حقنا كمواطنين أن نفهم رؤية إدارتنا للأمور، وأين نتجه؟

الكويت دولة صغيرة وسط حقول مليئة بالألغام، والسبيل الوحيد للحفاظ على كيان هذا الوطن ليس بفرض القوانين المقيدة وتكميم الأفواه، وقمع الاختلاف، والتحالفات الحكومية غير المتزنة، التي تخلق أجواءً من الفرقة بين فئات الشعب المختلفة.. بل بتوحيد صف الشعب وتأهيله وإشراكه في اتخاذ القرارات وإفساح مساحة أكبر لحرية الرأي التي لا غنى عنها لإحداث أي عملية إصلاح.

قضية تلو الأخرى تقلب الشارع الكويتي رأساً على عقب، ثم تتوارى وتتجلى غيرها، وتأخذ نفس الزخم، والنتيجة لا شيء إلا المزيد من التراكمات والضغوط والخذلان!

الديموقراطية التي نتغنى بها بلا ملامح، حيث تم تصنيف الكويت في مؤشر الديموقراطية لسنة 2018، وهو الصادر عن الإيكونوميست للمعلومات EIU. لقياس حالة الديموقراطية في 167 دولة، ويستند المؤشر إلى 60 معياراً مجمعة في فئات مختلفة لقياس التعددية، والحريات المدنية، والثقافة السياسية الديموقراطية، والمشاركة السياسية والعملية الانتخابية.

هناك إحصاءات ومؤشرات عالمية تضع الكويت في مراتب محزنة ومؤلمة في الوقت ذاته. ولعل ذلك يدل على عدم إيمان الحكومة بسواعد أبنائها الذين لم ولن يتخلوا عن وطنهم في ضائقته ومحنته، والأمثلة كثيرة. طي صفحة إخفاقات الماضي من دون دراسة نقدية صريحة ومحاسبة المتسببين لن يقودنا إلا إلى المزيد من الاخفاقات، وهذا هو حالنا في أغلب المشاكل التي تواجهنا، التعتيم وحظر النشر والتقييد، فكيف لنا أن نصلح من حالنا تحت ترسانة التشريعات والقوانين المقيدة للحريات؟ كيف لنا أن ننهض من دون أن نواجه أخطاءنا بكل وضوح وشفافية، وندرس إخفاقاتنا لأبنائنا، ليس للشماتة أو التقليل من شأن اي متسبب، أو الحط من مراكزهم الاجتماعية كما يظن البعض، بل ليتعلموا كيف ينظرون الى مستقبلهم من دون الوقوع في العثرات نفسها.

أجيال اليوم مختلفون بطريقة التفكير ودرجة الوعي، وذلك بفضل التكنولوجيا المتمددة وما تحمله من معلومات مختلفة ومتنوعة، والحكومة لا تستطيع أن تقف بوجه هذا الطوفان من المعلومات، لكنها تستطيع أن تعالج تكلس مفاصلها وتصحح الانحراف في رؤيتها بما يتوافق مع التغيير الذي يكتسح أغلب دول العالم بسرعة رقمية مذهلة.

القياديون الشباب المؤهلون والواعون والمنفتحون هم أمل كويت المستقبل، أعطوهم الثقة، ليس فقط من خلال الندوات والمؤتمرات التي اغلبها شكلية لغاية التلميع أمام المجتمع الدولي، لكن دعوهم يعملون في الميدان، وأن يشعروا بالمسؤولية، فهم أملنا لمستقبل أفضل.