هل سيكون غدنا مشرقا؟
إيمان جوهر حيات
1/8/2018
يحتل المسرح في دول العالم المتقدم مكانة كبيرة ومهمة، لانه يحاكي أحاسيس الفرد ويعبر عن انفعالاته، ويدرب النفس الإنسانية على إعادة تقدير مواقفها، والاعتماد على العقل والمنطق كأساس للرأي والموقف، الذي يتبناه الأفراد في حياتهم اليومية، يعتبر المسرح صرحاً مهماً بالنسبة للدول المتقدمة، فمن خلاله ترسخ الهوية الوطنية، وتوفر الحلول للمشاكل الاجتماعية، ويحفز الأفراد لتقبل التطوير والتغيير. المسرح هو محاكاة لواقع المجتمع، وما يشغل أفراد المجتمع من قضايا اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية وادبية، ومن خلاله يتم ارشاد الفرد الى انتهاج السلوكيات المناسبة، التي تؤهله للتعامل مع اغلب المشاكل التي تواجهه، وللمسرح دور تاريخي كبير في نشر أفكار النهضة المستندة إلى حقوق وكرامة الإنسان، مثلاً ما حدث في فرنسا، حين استعين بالمسرح في طرح القضايا التي تعالج طبيعة الامتيازات الارستقراطية غير المعقولة، والإسهام في خلق الأفكار التي أدَّت إلى تكوين وعي اجتماعي بضرورة الإصلاح، ثم في اندلاع الثورة الفرنسية (1789 ــ 1799م)، وما تركته من تأثيرات عميقة على أوروبا والعالم الغربي، أرست من خلالها الديموقراطية وحقوق الشعب والمواطنة، وبرزت نظرية العقد الاجتماعي لجان جاك روسو، الذي يعتبر منظر الثورة الفرنسية وفيلسوفها. هل تردي حال المسرح في الكويت بسبب الخشية من حدوث حركة فكرية تغييرية؟ بدأ المسرح في الكويت من خلال طلبة المدارس في 1922، وازدهر المسرح بدءا من منتصف الخمسينات، وصولاً إلى الأفول الذي بدأ في ١٩٨٧، عندما منعت مسرحية «هذا سيفوه» بعد عرضها، وكانت هذه هي بدايات التقييد والتضييق اللذين استمرا حتى يومنا هذا.
ومنذ ذلك الحين تراجع المسرح الكويتي وتراجع الأداء، بسبب الرقابة والتقييد وتدخل الحكومة والمجلس والحركات السياسية والنخبوية، التي لا تريد ان تتداول أحوالها غير المرضية على خشبة المسرح وأمام الملأ (لا تبوق لا تخاف)، وفقد المسرح دوره الريادي التوعوي، خاصة بعد ظهور الصحوة منذ نهاية السبعينات وبداية الثمانينات وسيطرة الأفكار الدخيلة على عقلية الشارع الكويتي، حتى اصبح الفن والأدب والمسرح أمراً هامشياً هزلياً لا عبرة منه ولا قيمة ولا فكر، وانخفض الذوق العام، وأصبح اغلب ما يقدم ليس إلا ابتذالاً وتهاويا مع تقييد الحريات.
الكويت دولة ديموقراطية مدنية هكذا عرفناها من مسارحها وأدبائها ومثقفيها وشعرائها والنخبة الراقية من فنانيها، بهم تشكلت نهضتها التي سلبت الابصار، والتي كانت منارة للتقدم والرقي والازدهار، اين توارت كل هذه الإنجازات؟ وكيف أصبحنا اليوم نتغنى بنهضة مرت علينا وتركتنا في طرفة عين؟!
اي إصلاح نرجو ونحن نشهد كل هذا التقييد والتضييق وتولية المناصب لبعض ممن يفتقد الأهلية ويزدري الثقافة والأدب ويصف الفنون بالمجون؟!
إن تجاهل الفن كأحد روابط الثقافة لدى الشعوب، يؤدي إلى تلاشي ملكة الإبداع والابتكار الناتجة عن التعددية والاختلافات الثقافية في المجتمع الواحد، وطمس تلك الهوية الثقافية ليس إلا تدميرا لكيان المجتمع.
باستطاعتك إحداث التغيير إن أردت يا حكومة، ولكن ما نشهده اليوم لا يعكس أي رغبة بذلك، فواقعنا متردٍّ ولا يصبو لطموحاتنا وتطلعاتنا لكويت الغد المشرق.
هل أنت واعية لخطواتك يا رشيدة؟