حمَّال الأسية

إيمان جوهر حيات

4/26/2021

بين جدال حكومي برلماني محتدم، وتراشق التهم والادانات والتشكيك والتخوين وارتفاع نبرة الطائفية والعنصرية التي تتلازم في العادة مع اكتشاف قضايا جديدة أو حساسة يحيطها الفساد، وتقليص الحريات وتسييس الدين والتعليم وأغلب وسائل الإعلام، هناك (حمال الاسية) وهو مجتمع يترقب مصيره في أجواء تسودها المشاكل الاجتماعية من عنف وصل لارتكاب جرائم القتل التي تستهدف بشكل كبير المرأة التي اجحفت بحقها منظومة متكاملة من الأعراف والتقاليد والقوانين المعيبة التي سلبتها حقوقها وجعلتها عرضة للانتهاك، وقبلها معاناة البدون التي تقارب ال 60 عام والتي تسببت في إقدام بعضهم للانتحار بسبب القيود وانعدام الحقوق الانسانية وضنك العيش، وأصبحت قضيتهم مجرد سراب تثار وتنتهي لإشعال العنصرية أو إشغال الرأي العام لا لإيجاد الحلول العادلة والمنصفة، وانخفاض سقف الحريات الذي تسبب بسجن وهجرة ولجوء أبنائنا بسبب آراء! ومعاناة أصحاب المشاريع الصغيرة الذين بادروا بتحفيز وتشجيع من الحكومة وخُذلوا عند أول أزمة وتركوا بلا انقاذ، ومعاناة العمالة السائبة التي جلبها تجار الإقامات ليكون مصيرهم الشارع بلا رحمة ولا رأفة ولا محاسبة تضع حد لهذا الاستغلال، وعدم تكافؤ الفرص بسبب الواسطة والمحسوبيات والترضيات، وشهادات مزورة يعتلي أصحابها بعض المناصب الحساسة والمهمة والمؤثرة ضاع صيتها وسط تفاقم قضايا الفساد التي لم نعد نستطيع احصائها من كثرتها وتشعبها، ومؤسسات مجتمع مدني في الأغلب شكلية كأنها ناطق رسمي يعبر عن تطلعات الحكومة لا الشعب! وأجهزة رقابية مترهلة لا تتحرك إلا كردة فعل لملاحظات المنظمات الدولية أو تسريبات يتلاعب بها الخصوم لإضعاف بعضهم البعض، ولا تُفَعّل الرقابة والاجهزة المسؤولة عن حماية أمن وسلامة مقدرات المجتمع الا بعد هروب الفاسدين المدبر! أو إفلاتهم من العقاب بسبب ثغرات ونواقص في القانون!


ونزاع سياسي ادخلنا بدوامات متتالية دهورت الصحة والاقتصاد وكل أوجه الحياة وأصاب اغلب افراد المجتمع القلق والخوف والتوجس على الحاضر والمستقبل، وتلاشت الثقة بقدرة هذه الحكومة و البرلمان على إيجاد مخرج من هذا الوحل العكر الذي تديره سلطة المصالح الخاصة البعيدة عن الصالح العام، وأصبح طموح أغلبية المواطنين هو تأمين عقار أو مصدر رزق خارج البلاد تأهبا من القادم المجهول، والأَمَر من ذلك تلك التسريبات التي صرح بها شيخ متنفذ ذو سلطة مؤخرا معبرا عن يأسه من حال البلاد و يفكر بالهجرة وهو يملك من المقدرات التي تكفيه أن يعيش مرفه في أي بقعة من العالم، بينما مطلوب من المواطن المثقل بالديون والأعباء أن يتعايش مع الفساد ويتقبل سوء الإدارة ورداءة اغلب الخدمات وعليه دفع ضريبة لخزينه الدوله المثقوبة والتي قاربت على الإفلاس بسبب الهدر!


تفشي العنف في أي مجتمع مؤشر على فساد المنظومة الإدارية واختلال ميزان العدالة، وغياب الإحساس بالمسؤولية المجتمعية، وما نشهده من حالات العنف ومقتل (فرح) وغيرها من المغدورين هو نتيجة لتراكم وتشعب الفساد في أغلب أجهزة الدولة مما أفقد القانون هيبته واحترامه لدى اغلب الناس، وهذا هو الخطر الذي نَسَفَ اغلب البلدان المدمرة و المنكوبة من حولنا ، ولا نريد أن نكرر تجاربهم المريرة.