حقك بيدك

إيمان جوهر حيات

2/11/2019

يقول كارل ماركس: «لمعرفة مقدار تقدم أو تخلف أي مجتمع، لا عليك سوى معرفة مكانة المرأة عندهم». من المهم جدا أن تحظى المرأة كما هو الرجل ببيئة واعية وحاضنة تسودها العدالة الاجتماعية، ولكن الأهم هو معرفة المرأة مكانتها عند نفسها. مشكلتنا في الشرق الأوسط هي تلك الحواجز الفكرية، التي لا تتوافق مع زمن غزت فيه العقول البشرية الفضاء، فما زالت مجتمعاتنا تعاني، وأغلبها لا يدرك قيمة الانفتاح الفكري، الذي لا ينمو إلا في أجواء مفعمة بالحريات، ولا تتحقق تلك الحريات من دون وعي أفراد المجتمع واستيعابهم مبادئ وقيم الدولة المدنية، التي تحترم الإنسانية وتحارب التمييز. لو نظرنا لمسيرة حقوق المرأة في الكويت، سنجد ذلك الصراع المستديم بين بعض العادات والتقاليد والأعراف الجامدة، وغير المتوافقة مع أنظمة الدولة المدنية، التي من المفترض أن تتسم قوانينها بالمرونة لمواكبة تطورات ومستجدات ما وصل له العلم من اكتشافات فكرية ومادية، محورها تلبية احتياجات الإنسان لخلق مواطن يشعر بالانتماء ويكنّ الولاء لوطنه.

ما زالت المرأة الكويتية تكافح للحصول على كل حقوقها، وحصولها على حقوقها السياسية التي فرضتها الظروف السياسية لم تأت إلا بعد نضال طويل ومستمر ضد التيارات المتشددة، التي كانت ترفض مشاركة المرأة السياسية لأسباب معروفة، رغم أنها شاركت الرجل في جميع المجالات وأصبحت منافسة له.

المشكلة هي قناعة وإيمان بعض النساء بتلك الأفكار التي تنتقص من قدرهن وتهمش من دورهن المهم في المجتمع، فما زالت هناك من ترى نفسها تابعاً لا تملك كل زمام أمورها بيدها، ولا تستطيع تحقيق تطلعاتها وأحلامها التي وئدت وقت ولادتها، حين حزنت أمها لأنها ليست ولدا يحمل اسم ابيه ويصبح في ما بعد وصياً عليها، أين هو المنطق في ذلك؟

وما زالت هناك من تعنف نفسياً وجسدياً في «حرملك» الأسرة والمجتمع، ولا تستطيع البوح بذلك خشية أن تجلب المتاعب لأسرتها رغم أنها هي المتضررة؟

القوانين والمنظومة لن تتغير حتى يغير الناس من طريقة تفكيرهم ونظرتهم إلى الأمور، فمن عارض بالأمس حقوق المرأة السياسية أصبح اليوم داعماً لها، التغيير لن يتوقف، إما ان نسايره ونرتقي، وإما ان نتجاهله فتتبدد حقوقنا جميعا.

716638 هو مجموع عدد المواطنات حسب إحصائية نظام الخدمات الإحصائية للهيئة العامة للمعلومات المدنية (30 يونيو 2018)، وهذا العدد، الذي يشكل أكثر من نصف المجتمع، كفيل بإحداث اي عملية تغيير إن وجد الوعي الناضج، الذي يتطلب قيام الدولة ومؤسسات المجتمع المدني بدورها في تطوير المنظومة التعليمية والثقافية وتكثيف البرامج التوعوية، التي تعرف المرأة بحقوقها ومكانتها في المجتمع، ومناصرة قضاياها وتمكينها من كسر حواجز الصمت والرهبة، لتمارس دورها كشريكة فاعلة في نهضة ورقي المجتمع.