لا للعنصرية‎

إيمان جوهر حيات

6/8/2020

مؤسف ما نشهده من تراشق بين بعض المواطنين وفئة من المقيمين، وما لحق ذلك من تعميم مجحف لم يقف عند حد هؤلاء المسيئين من كلا الطرفين، بل تخطى ذلك إلى تراشق يشمل الجميع كإثبات للوطنية ونبذ الآخر المسيء ومحاولة احتقار عرقه وأصله!

تنابز ضحل وإهانات تعج بها وسائل التواصل الاجتماعي متجاهلة الظروف الصعبة التي يمر بها العالم، والتي تستوجب تأسيس التضامن المجتمعي وترسيخ التعاون وتبادل الخبرات، كي نستطيع جميعاً تخطي هذه الأزمة بسلام، فهذا الفيروس شرس، ولن نتمكن من مواجهته بالضغائن والأحقاد المتوارثة أو المفتعلة لتغييب الوعي العام وتشتيت التركيز على الأمور الأكثر أهمية التي تعاني منها غالبية مجتمعاتنا، خصوصاً الـ«شرق أوسطية» الغارقة في الفساد والغائبة عن مسار العدالة الاجتماعية.

لا أنادي بدولة مثالية طوباوية، ولكن لا بد من إعادة النظر في إرثنا الثقافي إن أردنا أن نخطو خطوة تجاه المستقبل، ونحقق التنمية المرتقبة التي أصبح من المستحيل تحقيقها في أجواء مشبعة بالنزاعات والخلافات والحروب والتفرقة ولا تستوعب التعددية.

وقد شهدنا أشكالاً غير منتهية من هذه العنصرية السقيمة المُسَيَّسَة، تارة تخرج لنا بثوب الطائفية وتارة القبلية وتارة فئوية طبقية، ترتفع وتيرتها بالتزامن مع تفاقم الأزمات، وقرب مواسم الانتخابات، وأصبحت مجرد وسيلة يمتطيها حفنة من المتكسبين الذين آخر همهم مصلحة الوطن وتحقيق المصلحة العامة.

قبل حلول الجائحة شهدنا هجمات عنصرية على «البدون» من قِبل من يدعون أنهم حماة الهوية الوطنية، تلتها هجمات طائفية (بعد حلول الوباء) تجاه مواطنين قادمين من جمهورية إيران وكمية سخرية وتشكيك وتخوين سادت وسائل التواصل الاجتماعي!

واليوم نشهد تراشقاً سطحياً لبعض الجاليات المقيمة بذات حجة الدفاع عن الوطن وحماية الهوية الوطنية!

عن أي هوية وطنية يتحدثون؟!

الهوية التي تقسم المجتمع إلى فئات متنازعة، وترعى الشقاق بين أفراد المجتمع، وتصنف الأفراد على أسس عنصرية! من دون الأخذ بتجارب الدول التي مضت بهذا الاتجاه وتبددت! أم تلك التي تزرع الأشواك وتضع العراقيل أمام مستقبل أبنائنا؟

مسؤوليتنا تجاه الوطن وبعضنا تجاه بعض، تبدأ بالتعقل والكف عن الانسياق خلف المؤججين الذين غايتهم التصعيد واللعب على وتر العاطفة لتحقيق غايات شخصية لا تكترث بهموم المجتمع ومشاكله.

وعلينا جميعاً الاصطفاف والتضامن لمواجهة ما نتعرض إليه اليوم من تضييق على الحريات وأزمات متتالية تستدعي موقفاً موحداً وعاقلاً من الجميع من دون استثناء لوضع حد للفساد والمضي نحو مستقبل يتشارك فيه الجميع لأجل مصلحة هذا البلد.

كم المشاكل حولنا يستدعي الانتباه ويتطلب قدراً من الثقة المتبادلة بيننا، وفي إدارتنا التي قبل أي شيء عليها استرداد ثقة المواطن من خلال تطبيق العدالة ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين من دون استثناء، ومشاركة المواطنين في الخطط المستقبلية وتحفيزهم على الإنجاز من خلال نظم تعليمية متطورة وتوعية مستدامة وقوانين تنظيمية عادلة.