لن نتلاشى
إيمان جوهر حيات
6/4/2018
قال ماكس فيبر: «السلطة هي الفرصة المتاحة أمام الفرد أو الجماعة لتنفيذ مطالبهم في مجتمع ما في مواجهة من يقفون حائلاً أمام تحقيقها». وبعد الاطلاع على مقال سلطان بال المنشور بتاريخ 21 مايو 2018 بعنوان «سلفيو الكويت يدفعون الثمن بعد منحهم دوراً أكبر»، في موقع مركز كارنيغي للشرق الأوسط، الذي لا تخرج تفاصيل مقالته عن مضمون المقولة أعلاه، وكيف استخدمت واستغلت الحكومة التيارات الدينية من إخوان مسلمين وسلفيين، وأضيفت أيضاً التيارات الشيعية الموالية للحكومة في مواجهة المعارضين، ورسخت وجودهم في كل مؤسسات الدولة، وقامت بدعمهم، محلياً وإقليمياً، حتى أصبح لهم نفوذ وقوة يسمحان لهم بالتفاوض مع الحكومة التي هي ولية نعمتهم وسبب أساسي لنفوذهم وهيمنتهم، وتلك القوة الممنوحة لتلك التيارات الدينية أصبحت في حقيقة الأمر تشكل هاجساً للحكومة التي تحب أن تتفرد بالهيمنة وأن تبقي تيارات الإسلام السياسي تحت سيطرتها وقبضتها وأمرها، لذلك هي تتحرك بحركة المد والجزر بين تلك التيارات لتحافظ على توازنها ولتحفظ استمرار بقائها، ونفس اللعبة تلعبها الحكومة مع القبائل وبعض التيارات المدنية لتظل الأمور تحت هيمنتها، وكما هي تريد وليس كما يريد الشعب والدستور الذي كفل وصان حقوقه في نصوص بنوده التي لم تفعّل بالشكل الصحيح والمطلوب. إن لعبة تقسيم المشهد السياسي الذي تتبعه الحكومة لم يعد مجديا ولا فاعلا، فها نحن نرى كمية الفساد المستشري بالبلد والموثق بالتقارير الدولية، والتذمر الشعبي من سوء إدارة الحكومة وتراجع مجلس الأمة عن أداء المهام المنوطة به من تشريع ورقابة إلى تخليص بعض أعضائه معاملات وتسلم منح وعطايا! إلى أين يا رشيدة نحن سائرون؟ ونحن نرى مانشيتات الجرائد الرسمية تتحدث في كل يوم عن ذلك الفساد الذي لم يسلم منه حتى القضاء الذي هو الملاذ الأخير لصيرورة العدالة والإنصاف.
لا نطالب بإقصاء فئة من فئات المجتمع، بل نطالب الحكومة أن تنضج وتواجه الواقع، لا أن تتخفى خلف جماعات أوجدتها وقوّتها لكي تحارب بها من يختلف مع توجهها، وعلى الحكومة أن تتقبل الانتقاد إن كانت بالفعل تسعى للإصلاح والتنمية التي تنادي بها في كل المؤتمرات والندوات المنعقدة، والتي تحت الانعقاد، فلا إصلاح حقيقي من دون تقويم الذات والبعد عن سياسة فرق تسد، التي شتت البشر وهتكت الحقوق الإنسانية. لست واعظة ولن أكون كذلك، بل أنا مواطنة كويتية أحب هذه الأرض وأنتمي لها وأكن الاحترام لكل أطياف شعبها، وأرفض سياستك أنت يا حكومة! يا من تنادين بالوحدة الوطنية وتضربين بها عرض الحائط بتحالفاتك غير العقلانية وغير المسؤولة! الكويت ليست حكرا لفئة دون الأخرى وهذا ليس شعارا يتغنى به بالأناشيد التي فقدت رونقها في آذاننا، وفقدت بهجتها في نفوسنا بسبب تخبطك الدائم والمستمر، ونهجك الداثر الذي لا يفهم معنى المدنية ولا يستوعب مضمون الديموقراطية والكل بالنسبة لك قابل للشراء والإخضاع! وهذا هو الخطأ الذي وقعت به يا رشيدة ! فما زال الشرفاء موجودين رغم سياستك الداعمة للتجهيل والتغييب وتكميم الأفواه بالقوانين المقيدة لحرية التعبير، والتضليل الإعلامي والوعيد باسم الثوابت والأعراف والتقاليد، لن تختفي تلك الأصوات الحرة وستبقى تنادي وتكتب وتشجب وتندد حتى تشرق شمس العدالة والحرية، وتعود الحياة إلى شرايينك التي تجلطت بسبب تخمتك المفرطة بالفساد.
انهضي يا رشيدة قبل أن نتلاشي..!