ما نراه أقل مما نتمناه‎

إيمان جوهر حيات

7/27/2020

«محاربة الفساد معركة تبدأ بتطهير مؤسسات الدولة من فاسديها ومن ارتبط بهم دون تمييز.. خصوصاً في ظل ظروف اقتصادية صعبة، فلا تنمية ولا عدالة في الدولة بوجود الفاسدين في مؤسساتها. وغير ذلك لا يكون إلا إفساداً فوق إفساد. وما نراه أقل مما نتمناه».

الشيخ ناصر صباح الأحمد وزير الدفاع والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء السابق ـ تويتر 23 يوليو 2020.

هذه التغريدة أثارت الجدل، وقد حظيت بعدد كبير من «المشاهدين» المتعطشين للإصلاح والتغيير، ووصفت ما تتعرض له كويتنا الحبيبة من فساد بالمعركة، وتعريف المعركة سياسيا هو «صراع أو منافسة بين خصمين أومرشَّحين او أكثر، على منصب قيادي رفيع او مقعد في البرلمان، وتنتهي المعركة غالبا بفوز أحد الطرفين».

سياسيا هذا تنافس مشروع.. ولكن تحديد بداية هذه المعركة «بتطهير» مؤسسات الدولة من مفسديها دون تمييز، تلك هي المعضلة التي ندور في فلكها وهي مطالبة أغلب أفراد المجتمع الذين ضاقوا ذرعا بالمناورات السياسية الفارغة التي غايتها إلهاء وتغييب الوعي وليس حل مشاكل المجتمع والبلد.

إن مسؤولية مكافحة آفة الفساد هي مسؤولية مشتركة تستوجب تضافر جميع سلطات الدولة ومؤسساتها والمجتمع، ولكن كيف تتحقق هذه المشاركة ودائرة الشك والشبهات قد طالت أغلب من يملكون القرار السياسي، الذين استغلوا نفوذهم لتعزيز مكانتهم وتفصيل السياسات التي تصب في مصلحتهم؟!

هذا الصراع السياسي انعكس سلباً على المجتمع وخلق مجتمعا مفككا مشتتا ومتشككا، إصلاح ما خلقه الفساد من خلل يتطلب نضالا طويلا قائما على استراتيجية إصلاحية واضحة لإحداث التغييرات المستحقة على جميع الأصعدة، وضمان ألا يحل مكان الفاسد المبعد فاسد آخر.

وتنقسم «بعض» تلك الإصلاحات إلى:

الإصلاحات القصيرة الأجل:

* تتمثل في ملاحقة رؤوس الفساد وإخضاعهم لمحاكمات عادلة لردع كل من تسول له نفسه استغلال نفوذه أو حصانته لتحقيق مآرب مشبوهة.

* وضع معايير مُحكمة لاختيار الكفاءات.

* تعديل النظام الانتخابي ليشمل شرائح المجتمع كافة.

* حماية حقوق الإنسان وترسيخ الشفافية، ورفع سقف الحريات، وإقرار حرية تداول المعلومات، وتعديل كل القوانين المقيدة لحرية الرأي.

ونعتقد أن من شأن تلك الإصلاحات العاجلة تعزيز الثقة في نفوس المواطنين وتفعيل دورهم كشركاء في الوطن.

الإصلاحات الطويلة الأمد:

* تكثيف الحملات التثقيفية والتوعوية التي تعزز السلوكيات الأخلاقية الوطنية من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومؤسسات المجتمع المدني (المستقلة) وغير المُسيسة.

* تطوير المناهج التعليمية لإنشاء أجيال واعية قادرة على الإنجاز والمنافسة وتخطي العقبات، وإكمال مسيرة الإصلاح والتنمية.

* بناء اقتصاد مستدام قائم على التكنولوجيا والمعرفة والبحث والتطوير.

* تقليص الثغرات القانونية التي استغلها الفاسدون بالتملص والإفلات من قبضة العدالة، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية وضمان استقلاليتها.

* تنقيح الدستور من دون الإخلال بضمانات الحرية والمساواة.

مصير البلد يتوقف على وعي الشعب وحكمة الإدارة الحكومية وعدلها.