معنى كلمة وطن

إيمان جوهر حيات

7/19/2021

في قلبي وطن لم أعد أراه، وطن يحتضن جميع أبنائه بلا استثناء ويوفر لهم الحماية والرعاية وتصون قوانينه حقوقهم وحرياتهم ويقودهم باتجاه المستقبل، وطن يشعر جميع أفراده بالاطمئنان والتلاحم الذي يحقق الصالح العام لا تمييز بين أفراده وفئاته بسبب حفنة من الأيديولوجيات التي لم تعد تتناسب مع هذا الزمن، وطن متطور في سياساته المختلفة يصب جل اهتمامه في تطوير الإنسان وتمكينه من المشاركة وإبداء الرأي في القرارات التي تؤثر على حياته.

لا اطالب بدولة فاضلة لا وجود لها على ظهر هذا الكوكب، ولكن هناك دول تسعى لتقليص الفجوات بين الناس بعضهم ببعض وبينهم وبين أنظمتهم، من خلال تبني استراتيجيات قصيرة وطويلة الأمد تحوي نظرة متكاملة لكل جوانب الحياة ولا تغفل المتغيرات الزمانية، لخلق بيئة متزنة تنظمها التشريعات والقوانين التي تحمي المجتمع وتصون أهم لبنة من لبناته وهو الإنسان.

نظرة عميقة تبحث في ثنايا النفس البشرية من خلال العلوم الاجتماعية والإنسانية المختلفة وصياغة السياسات المتوافقة مع التغيرات لتواكب مسيرة التقدم وتحافظ على استدامة وبقاء كيان الدولة.

تلك الاستدامة لا تتحقق من دون مرونة وعقلانية واتزان لتخطي العراقيل والتغلب على المعوقات التي أصبحنا اليوم نراها تعيد إنتاج نفسها من خلال تكرار نفس الممارسات الرجعية المتشبثة في نهج جامد متحجر لتحصين مصالح تتسم بالجشع والأنانية ولا تكترث في الصالح العام.

نهج رسمته أمثالنا الشعبية،" من سبق لبق" ، و"انا ومن بعد الطوفان" ، و "سيل ما يبلك ما يهمــك" … وكأن الدولة حلبة صراع تؤخذ بها الحقوق بالعنترية والذراع والفهلوة، والانانية بها الخلاص، وأصبحت الفوضى تكتسح حياتنا والقانون مجرد واجهة لردع من لا يخضع لسلطة تلك الأمثال، أي فوضى تلك التي نعيش بها، واي استدامة نرجوا في وسط هذا الاعوجاج الذي لم تسلم منه اغلب مؤسساتنا، والتي أصبحت على كل لسان وأصبحت مادة دسمة يتعارك من خلالها الخصوم في الأغلب ليس لإصلاح الطريق الوعر بقدر ما هو تشفي و رغبة في التصدر والاستحواذ!

ألا يكفينا أن ننظر لحال العراق وسوريا ولبنان وليبيا واليمن و القائمة تطول، ألا يكفينا أن نستوعب كيف تتقلب المصالح الدولية فيصبح الصديق في مهب الريح والعدو حليف عضيد إذا استلزمت المصالح ذلك.

حماية هذا الوطن لن تتحقق حتى تتلاشى سياسة فرق تسد التي دمرت كل من انتهجها، وحتى تصبح الانظمة والقوانين لخدمة جميع أفراد المجتمع لا للتنكيل والتقييد وتكسير المجاديف.

في القلب وطن أراه جريح يتأوه من شدة الألم وأغلب أبنائه غائبين خلف صراعات ومهاترات اغلبها مفتعلة وُجدت لإلهائهم وتشتيت انتباههم واحباطهم عن عمق معنى كلمة وطن.

وعي وحكمة وعدالة وإنسانية هي الوصفة الناجعة لتضميد جراح الوطن وحمايته من تقلب المصالح التي فتكت بأغلب من هم حولنا.

حفظ الله الكويت من كل مكروه