مصالحة واحتواء
إيمان جوهر حيات
11/5/2018
الحرية تتطلب انفتاح الأفق نحو احترام حقوق الانسان واستيعاب التغيير ومواءمته لتحقيق النهضة البشرية القائمة على الوعي والإدراك. للأسف مجتمعاتنا ليست إلا امتدادا من الماضي وتخشى إدراك الحقبة الزمنية التي تعاصرها، وترتعب من التفكير في المستقبل، لأنها تكاد لا تؤمن به فهو بالنسبة لها متروك للقدر وأسراره! تطور الوعي عبر التاريخ مر عبر صعوبات وحروب وعوائق جمة، ولكنه لم يستسلم وظل هناك من يتساءل وينتقد ويتحاور حتى تغيرت القناعات بالبحث المستدام، الذي يداري عوامل الزمكان ويستند على منهج علمي ونفسي وفلسفي من خلالها أصبح لكل فرد كرامة وحقوق غير قابلة للانتهاك.. وذلك فقط في الدول التي تفهم الفائدة التي تعود عليها من احترام حقوق الإنسان وتطوير الطاقات البشرية وتحفيزها لضمان التنمية المستدامة بسواعد وطنية تكن الولاء والانتماء الحقيقي للوطن. فالوطن ليس مجرد كلمة تردد، بل هو الاحتواء والعطاء والحماية، هل بالفعل نحن نحظى في دولنا بتلك الرعاية؟
القبلية والطائفية والعنصرية والفئوية... كانت مرحلة مرت بها اغلب المجتمعات ومن تعداها مضى إلى طريق النور والنهضة، أما من أبى استيعاب بلائها تعثر وسقط بلا رحمة، تغيرت الأمور وطرق التغيير بابنا وغير كل معالم حياتنا ليضفي عليها طابعا حضاريا متمدنا، ولكنه أبى أن يفرض علينا تغيير أفكارنا وأعطانا المساحة لنفكر ونستوعب ضرورة تغيير قناعاتنا وتطوير منهجيات تسمح لنا بالامتزاج مع العالم، وان نكون جزءا فاعلا ومنافسا في منظومته الدولية.
لا يخفى علينا جميعا ان تبني الأفكار المتعصبة ورعايتها! يقود إلى ما نعيشه ونراه اليوم من تفشي الفساد والظلم والإرهاب وثورة صامتة ومقموعة تنتظر لحظة الانفجار.
لماذا ننتظرها حتى تنفجر وتنادي بعيش، حرية، عدالة اجتماعية، هل تذكرون تلك الهتافات التي توضح مدى البؤس الذي وصلت إليه الشعوب بسبب مصالح المتنفذين غير المتناهية.
بينما حلول تلك المشاكل بسيطة، وكل ما هو مطلوب أن تحترم السلطات حقوق أفرادها بالاحتكام إلى الدستور المنبثق من روح الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وتنقيح وتغيير كل القوانين والتشريعات التي تتعارض مع تلك المبادئ الإنسانية.
ولكن كيف نصل لتلك الدرجة من الإدراك والوعي والرأي مرصود! والنقد منبوذ! والاختلاف مذموم!
ما حدث في برلماننا الموقر أمر غير مقبول لمسيرة الديموقراطية التي اخترناها كمنهاج نسيِّر به أمورنا، ماذا حققنا على أرض الواقع وما هي إنجازات المجلس التي من المفترض أن نحتفي بها؟
لن تبقى الانتهاكات المرصودة على حقوق الإنسان حبيسة في قاعات المؤتمرات ورهينة للأجندات السياسية والمصلحية عند البعض ومثل ما تم الضغط لإعطاء المرأة حقوقها السياسية مسبقاً رغم المعارضة الشرسة، والتي بقدرة قادر تغيرت قناعاتهم وأصبحت تلك الفئة المعارضة هي أكثر فئة مستفيدة من هذا التغيير، سيتم الضغط على ملف حقوق الإنسان ولن يصمت المجتمع الدولي عن تلك الانتهاكات النابعة من جهل البعض وجشع الآخر وعدم وجود رؤية واعية مستقبلية، فلماذا ننتظر أن يُفرض علينا التغيير؟ ولماذا لا نسعى نحن بإرادتنا لإحداثه؟
فقدنا الثقة بأغلب قرارات حكومتنا وكذلك للأسف في معظم أعضاء برلماننا الذين تأملنا بهم أن يدافعوا عن حقوقنا، بينما تجاهلوا في الغالب حاجة وطموح المواطن، بل وقيدوهما بتشريعات وقوانين مطاطية مسّت حقوقه.
على الحكومة التفكير جدياً في احتواء المعارضة من دون تمييز، والنظر إلى رؤيتهم، والتوصل إلى نقطة اتفاق تصب في المصلحة العامة للبلد.