ناقصات عقل

إيمان جوهر حيات

7/6/2020

توارت قضية الصندوق الماليزي المثيرة للجدل، خلف مجموعة من القضايا العتيقة والمستجدة، وهو أمر أصبح شبه معتاد، والآن الجدل مُثار حول قضية تولية المرأة قاضية، ورفض بعض مدعي التشدد هذا القرار بحجج واهية وسطحية استخدمت مسبقا للتصدي لحق المرأة في الترشيح والانتخاب وبعدها أصبحوا هؤلاء المعارضين أكثر المستفيدين من ناقصات العقل والدين كما يصفونهم مدعي الكمال الذين شغلهم الشاغل في هذه الفترة هي مغازلة قواعدهم الانتخابية أو ربما هم مجرد أداة لالهاء العامة عن الأمور الأكثر أهمية.

مساواة المرأة هدف من الأهداف 17 التي أقرتها الأمم المتحدة للوصول إلى نمو اقتصادي يراعي الأبعاد الاجتماعية والبيئية والديمغرافية، وتحقيق التنمية المستدامة المرتقبة بحلول سنة 2030، وقد التزمت الكويت في سبتمبر 2015 بتنفيذ تلك الأهداف كاملة ومن دون استثناء، وتم إقرارها بالبرلمان الكويتي، وعُقد لأجلها الورش والمؤتمرات.

علما أن الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة يحث على تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين كل النساء، والهدف العاشر ينوه على الحد من أوجه عدم المساواة، وهي بنود راسخة في المادة السابعة والتاسعة والعشرين من دستور الكويت ولا يتعارض معه.

فما سبب تلك الجعجعة الفارغة!

الكويت بحاجة لكل سواعد أبنائها، والمرأة جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع، ولازالت تعاني من بعض القوانين والأعراف والتقاليد التي تراها كائن ضعيف ومختل ويجب وضعه تحت السيطرة، فهي تخضع لحزمة من القوانين التمييزية، فليس من حق المرأة الكويتية الولاية الصحية لابنائها، والمادة 153 من قانون الجزاء ميّزت بين الرجل والمرأة من حيث العقوبة المفروضة عند ارتكاب جريمة القتل بدافع الزنا، وكذلك المادة الثانية من قانون الجنسية رقم 15 لسنة 1959 أقصت حق المرأة من منح جنسيتها لأبنائها، وقانون الأحوال الشخصية الذي ورغم ما منحته بعض بنوده من مميزات مادية ملزمة على الرجل تجاه المرأة، والتي لا أراها سوى وسيلة من وسائل التقييد و فرض السيطرة على المرأة، وتغييبها عن حقوقها الإنسانية المكفولة بالدستور وأغلب المواثيق الدولية.

مشكلتنا الحقيقية تكمن بتبني شريحة كبيرة من المجتمع ثقافة بائدة تنظر للمرأة على أنها كائن عاطفي ضعيف بلا إرادة وبلا حقوق، علما أن تاريخ المرأة الكويتية حافل بالإنجازات والعطاء، وهي تشغل نسبة كبيرة من الوظائف العامة في الدولة بجانب شريكها الرجل، و إبخاس حقوقها، هو إهدار لتلك الطاقة البشرية التي تشكل أكثر من نصف المجتمع.

بشكل عام التمييز وعدم المساواة بين أفراد المجتمع لأي اعتبارات كائنة، ليس إلا هدر للموارد البشرية التي نحن بأشد الحاجة لها للنهوض بالبلد، ولا يؤدي إلا للمزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المجتمع.

تنصيب المرأة قاضية خطوة موفقة، ولكن لن تجني هذه الخطوة ثمارها إلا بإصلاح المنظومة التعليمية أولا، وتعديل وتنقيح كافة القوانين الغير متوافقة مع نهج التغيير، وإرساء العدالة والمساواة بين كافة أفراد المجتمع بلا استثناء.