نصف كويتي
نشر 05 فبراير 2018
إيمان جوهر حيات
1/20/2024
لماذا يحظى الأبناء من أب كويتي وأم أجنبية بالجنسية الكويتية، في حين يُحرم من ينتمي الى أم كويتية وأب أجنبي من تلك الجنسية؟ أليس كلاهما نصف كويتي؟! أتحدث عن معاناة أبناء الكويتيات الذين عاشوا وترعرعوا في هذا البلد، وكل أملهم هو أن يكون لهم كيان وهوية في وطنهم الكويت، ولكن حكمت عليهم التشريعات والقوانين المنبثقة عن الأعراف والتقاليد والمصالح أن يكونوا مهمّشين، لأن التبعية في مجتمعاتنا العربية للأب وليست للأم، فالمرأة ما زالت تابعة وتخضع «للتمييز البيولوجي». وعليه، فإن حصول هؤلاء على الجنسية الكويتية هو بمنزلة عطية حكومية مشروطة بوفاة الأب الأجنبي أو تطليقه للأم، كما نص ذلك بقانون الجنسية الكويتية 15 لسنة 1959، المادة رقم 5 «يجوز منح الجنسية الكويتية بمرسوم- بناء على عرض وزير الداخلية.. المولود من أم كويتية، المحافظ على الإقامة فيها حتى بلوغه سن الرشد، إذا كان أبوه الأجنبي أسيراً أو طلّق أمه طلاقاً بائناً أو توفي عنها..». أليس هذا القانون مناهضاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أوصى في بنوده بالعدل والمساواة وعدم التمييز؟ أليس ذلك مناهضاً لمواد الدستور الكويتي في المادة 7 «العدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع»، والمادة 9 «الأسرة أساس المجتمع، تحمى في ظلها الأمومة والطفولة»، والمادة 29 «الناس سواسية في الكرامة الإنسانية، وهم متساوون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين»؟
يشعر أبناء الكويتيات بالظلم والمهانة والإحباط في وطنهم، فهم يعتبرون أنفسهم كويتيين، ويفخرون بذلك الانتماء، ولكنهم يعيشون واقعاً مريراً مفعماً بالتمييز والانتقاص، وهذا بحد ذاته مؤشر خطر، ويقود في أغلبية الأحيان إلى الانحراف. ومع ذلك، فإن أغلب من قابلت من تلك الفئة مجتهدون مبدعون حالمون، وكل ما ينقصهم هو تطبيق العدالة والمساواة. لماذا تقف التعقيدات السياسية والمزاجية في وجه تلك القضية التي لا تثار إلا في الانتخابات النيابية لاستقطاب أصوات النساء ودغدغة مشاعرهن بالقليل من الكلمات التي تتلاشى في الفضاء بعد الوصول إلى كرسي البرلمان، وتبقى تلك المرأة تعاني لأجل أبنائها، حتى تثار قضيتها مرة أخرى في أقرب ندوة انتخابية؟! فلا يحق لأبناء الكويتيات حق ورث وتملك السكن من والدتهم، وما يحق لهم هو ما يسمى «الوقف الذري» لأبناء المواطنات، الذي يحمي ورثة المواطنة من عقبة الطرد من السكن من دون حق الامتلاك! والقاعدة طبعاً مختلفة بالنسبة الى المواطن الذي يحظى أبناؤه بكل حقوقهم من دون انتقاص.
وما زال أبناء الكويتيات ينتظرون تفعيل المرسوم رقم 17 لسنة 2017 «الذي يمنح الأفضلية في تعيين الأبناء غير الكويتيين من أم كويتية، وتشغيلهم بالجهات الحكومية بشرط عدم وجود كويتيين..». ورغم التمييز الواضح بذلك النص، فإنه إلى تاريخه لم يحظ هؤلاء بوظيفة تلبي احتياجاتهم والتزاماتهم المعيشية، هذه الفئة من أبنائنا تعيش معاناة حقيقية نفسية ومادية وإنسانية، ومن المفترض على دولة المؤسسات المدنية التي تكفلت بتعليم وتطبيب تلك الفئة من أبنائها أن تراعي المبادئ الإنسانية، وتستقطب تلك الطاقات الشبابية، وتأهلها، وتستثمر بها، بما يعود بالنفع على هذا الوطن.
لا تنمية من دون عدالة ومساواة.