صفيح ساخن
إيمان جوهر حيات
4/27/2020
ما أكثر تلك الأحداث المتواترة والمثيرة للجدل، قبل أزمة «كوفيد - 19» كان الصراع الدائر في الساحة الدولية بين الولايات المتحدة (القطب الأوحد) والصين (القطب الصاعد) حول ملفات عديدة، كملف «شركة هواوي للاتصالات وشبكات الجيل الخامس»، والملكية الفكرية.. وغيرهما من الأمور الجيوسياسية واللوجستية، ودخول روسيا من جديد كلاعب مؤثر في أغلب القضايا المثارة، ومساومات تركية تبحث لها عن موقع بين دول العالم، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وأغلب دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على صفيح ساخن وملتهب.
وبعد «كوفيد - 19» لم تهدأ الأمور كثيراً، ولكن تحول الانتباه العام إلى السيطرة على الوباء كأهم أولوية.. وذاع صيت الصين بسبب الإجراءات الحاسمة التي اتخذتها تجاه الوباء، وأصبحت نموذجاً تحتذي به أغلب الدول، حتى انقلبت الطاولة مرة أخرى حين أعلنت الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية عن تشككها في شفافية البيانات ومنشأ هذا الفيروس، ولا أعلم هل ما يحدث هو إسقاط أم خوف من أن يفقد النموذج الأميركي بريقه، ويصبح النموذج الصيني محطاً للإعجاب؟
على صعيد آخر، أغلب دول العالم تتوجس من الاستمرار في الإغلاق خوفاً على مصالحها الاقتصادية على حساب الصحة العامة، حيث تعهد ترامب بعودة تدريجية إلى الحياة اليومية الطبيعية، متجاهلاً تحذيرات منظمة الصحة العالمية التي تؤكد على ضرورة استمرار الإغلاق خوفاً من تفاقم الوباء والدخول في مرحلة يصعب الخروج منها.
ونشهد تأثير الإغلاق العام على النفط، حيث أصبح هناك فائض في الإنتاج مع انخفاض الطلب وهبوط الأسعار بشكل غير مسبوق، ما أنهك العديد من الدول التي تعتمد اعتماداً كلياً على هذا المصدر الناضب لتغطية رواتب موظفيها وبعض المصاريف الأساسية كتوفير الكهرباء والماء والغذاء، وتحذير برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة من وقوع «كارثة إنسانية» جراء هذا الفيروس، واحتمال تضاعف عدد المهددين بالمجاعة في العالم ليبلغ «أكثر من 250 مليون شخص في نهاية 2020».
بلا شك سنشهد تحولات كبيرة، خصوصاً في مجال تقنية المعلومات والتكنولوجيا الرقمية المتطورة التي تعتبر مصدر قوة لمن يصنعها ويمتلك أسرارها، وسمعنا ما أحدثه خبر إطلاق إيران قمر اصطناعي في 22 أبريل الماضي من ضجة دولية وتحليلات مختلفة متوجسة من التبعات المترتبة على ذلك الحدث ومدى تأثيره على مجريات الأمور.
هل دول الشرق الأوسط على استعداد لمواجهة التغييرات المقبلة، واستخدام هذه التقنية الرقمية بطريقة صحيحة وليس لأجل تحويل البلد إلى ثكنة عسكرية وإعلان حالة التأهب على الحقوق والحريات؟
هل نستطيع ونحن مثقلون بالخلافات والنزاعات التي قطعت أواصرنا، وأغلبنا يعاني من الفساد، أن نكون رقماً مؤثراً في هذه المنظومة الدولية المتغيرة؟
هل سنستفيد من درس الوباء وندرك أن لا ارتقاء ولا نهضة من دون ترسيخ العدالة الاجتماعية وإعادة إعمار النظام التعليمي المتهالك والاستثمار في العقول؟!
تأخرنا كثيراً ولكن ما زالت لدينا فرصة للإصلاح.