سيئ السمعة
إيمان جوهر حيات
7/20/2020
قبل فترة وجيزة حدث تراشق بين نائبين على مقترح قانون الانتخاب الذي تضمن أن «كل من نظم أو اشترك في انتخابات فرعية أو دعا إليها والتي تتم بصورة غير رسمية قبل الميعاد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من المنتمين لفئة أو طائفة أو قبيلة، يعتبر هذا الشخص سيئ السمعة يستوجب الشطب من سجلات الناخبين والمرشحين وإسقاط العضوية في حالة الإدانة».. علماً بأن الفقرة الخامسة من المادة 45 من القانون رقم 35 لسنة 1962، قد جرمت ذلك الفعل ولكن لم يطبق هذا القانون بالشكل الصحيح، وكان من الأجدر العمل على تفعيل هذا القانون ومحاسبة المتقاعسين بدلا من الدخول في سجالات لا فائدة منها، إلا زيادة أعباء الناس الذين ضجروا من كثرة قضايا الفساد المتفشي في أغلب مؤسسات البلد، بما فيها البرلمان!
أما بالنسبة لتعريف سيئ السمعة فهو: القيادي الذي يستغل منصبه لتحقيق مكاسب خاصة.
السياسي الذي يثير قضايا حساسة ليس لأجل وضع الحلول لها، بل لتحقيق شعبية أو عقد مساومات مشبوهة.
الإصلاحي الذي ينادي بمكافحة الفساد والتصدي للهدر بالمال العام ويغمض عينيه عن قضايا حقوق الإنسان، كقضية البدون وتجنيس أبناء الكويتيات ويتجاهل القوانين المقيدة للحريات، فتلك القضايا قد تفتح عليه الأبواب الموصودة والتي لا تصب في مصلحته.
المثقف الذي يبيع قلمه لمن يدفع له أكثر.
الموظف الذي يقبل الرشوة ويتعدى على حقوق الآخرين.
الإعلامي الذي لا يلتزم الحياد والموضوعية.
الناخب الذي يبيع صوته في سوق الانتخابات الزاخر بالملايين!
الأكاديمي الذي حصل على شهادته بالغش والزيف.
رجل الدين الذي يستغل مكانته ويؤجج الأحقاد والكراهية بين أفراد المجتمع.
تلك عينة صغيرة من سيئي السمعة، الذين أثقلوا كاهل البلد بجشعهم وأطماعهم التي ليس لها حدود.
في النهاية سيئو السمعة هم نتاج نظام ريعي شرع الثقافة الريعية، القائمة على المحاباة والترضيات والانتهازية والاتكالية، التي أدت لارتفاع نبرة السخط وعدم الاستقرار السياسي والتراجع الاقتصادي والتخلف الثقافي والاجتماعي.
لم تعد قيمة ما تحت الرمال، بعد توجه العالم نحو مصادر الطاقة النظيفة المتجددة الصديقة للبيئة، والتغيرات الهيكلية التي حدثت في سوق النفط والغاز، قادرة على تلبية متطلباتنا الريعية الاستهلاكية، وأصبح لزاما تغيير هذا الواقع الريعي المتدهور واستبداله بنظام ديموقراطي مدني يستثمر بالبشر قبل الحجر، قائم على ترسيخ العدالة الاجتماعية والتوزيع المتكافئ للدخل، واستكشاف مصادر جديدة للإيرادات، والأهم تعزيز النزاهة والشفافية لكسب ثقة المواطنين التي هي أساس الشرعية.
نشهد اليوم تحركات حثيثة لتجفيف بعض منابع الفساد، تجفيف تلك المنابع يستدعي تغيير النظام المترهل الفاسد الذي سمح لتلك الآفات أن تتكاثر وتترعرع وتنشط من دون حسيب أو رقيب، وأن تكون الغاية خلف تلك التحركات هي إنقاذ المجتمع وحماية سمعة البلد، وليس تصفية حسابات وتسوية مصالح خاصة على حساب المصلحة العامة للمجتمع.
الإصلاح إرادة وحزم ومسؤولية.