تعاميم تعسفية
إيمان جوهر حيات
5/14/2018
حسب المادة 6 من دستور الكويت فإن نظام الحكم في الكويت ديموقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً.. هذه الكلمات جميلة جدا ولكنها في الواقع غير مطبقة وغير مقبولة من بعض أصحاب القرار (السلطة التشريعية والتنفيذية وبعض المتنفذين خلف الكواليس) الذين قد يتعسفون في استعمال السلطة والنفوذ ويقمعون الرأي المختلف بالتشريعات والقوانين المجحفة ويتشددون بالرقابة المفرطة والمقيدة التي خلقت أجواء من عدم الثقة وفقدان الاستقرار النفسي من قبل المواطنين. وما تشدد وزارة الشؤون الاجتماعية بفرض القيود على جمعيات النفع العام (اللي ما عندهم واسطة طبعا) إلا نوع من أنواع التسلط والرصد غير المنطقي والخانق لدور مؤسسات المجتمع المدني، خصوصاً تلك «غير المدعومة من الدولة». فلا تستطيع الجمعيات أن تخاطب اي جهة اخرى أو تتسلم أي خطاب من جهات حكومية إلا عن طريق وزارة الشؤون! ولا تستطيع ان تقيم اي نشاط من دون أخذ موافقة مسبقة من الوزارة حتى وان كان هذا النشاط من ضمن أهداف الجمعية التي على أساسها أخذت الترخيص وأشهرت، علما بأن دور وزارة الشؤون هو التنظيم والرقابة وليس التقييد والتسلط! وكيف لوزارة الشؤون المشبعة بالبيروقراطية ان تتابع كل أنشطة ومتطلبات جمعيات النفع العام وتضبط الأوضاع كما تدعي وهي تتعثر وتتخبط بأبسط الأمور التنظيمية والإدارية؟! تقوم مؤسسات المجتمع المدني التطوعية على المشاركة والوساطة بين الدولة والشعب، والغاية من وجود تلك المؤسسات المدنية (ذات الشفافية فقط) هي خدمة الأفراد والمجتمع وتوعيتهم وتثقيفهم وتأهيلهم وتبني مشاكلهم وطرحها على الجهات الحكومية المسؤولة والضغط عليها لتلبية تطلعات المواطنين وطموحهم. فكيف يُفعل دور مؤسسات المجتمع المدني والوزارة لا تكتفي بالقوانين التي عفا عليها الدهر ومحا، بل في كل حدث أو مشكلة تواجهها من بعض الجمعيات غير الملتزمة تصدر التعاميم المتعسفة والمقيدة وكأنه عقاب جماعي يطول رقاب كل جمعيات النفع العام وحتى المجتهدة منها والملتزمة! أليس في ذلك اجحاف؟! وكيف للوزارة أن تصيغ القوانين واللوائح من دون مشاركة جمعيات النفع العام بذلك؟ علما ان الوزارة ليست إلا جهة خدماتية وجدت لخدمة أفراد المجتمع وليس للتجبر عليهم.
وقد نصت المادة 43 من الدستور على أن حرية تكوين الجمعيات والنقابات على أسس وطنية وبوسائل سلمية مكفولة..
اين هي تلك الحرية التي كفلها لنا دستورنا، واغلب مؤسسات المجتمع المدني مأسورة بكل تلك القوانين والقرارات المتشددة التي تعوق المشاركة بالعمل المجتمعي وتعرقل التنمية المجتمعية وتحد من المساهمة في رسم السياسات والخطط العامة كشريك فاعل للحكومة.
لماذا نسهب بالكلام عن الديموقراطية ونحن في الحقيقة لا نملك إلا صناديقها، فما الديموقراطية بالنسبة لنا إلا لحن جميل وعذب ولكنه محظور ومنبوذ من البعض الذين يعتبرونها مزامير الشيطان التي لا نفع منها ولا جدوى من الاستمتاع بمضامينها وذلك كله خوفاً من تمرد العامة من الناس على السائد والتذمر على كل ما هو جائر وجامد.
وهكذا أصبحت اغلب مؤسسات مجتمعنا المدني كسيحة شكلية لا تقوى أن تُفعل دورها ولا تستطيع اثارة القضايا المهمة التي يعاني منها أفراد المجتمع، وذلك إما بسبب القيود القانونية أو الخوف من انقطاع المنفعة المادية التي تحظى بها بعض الجمعيات الخاضعة تحت سلطة الحكومة او سلطة الدولة العميقة.
سمعة الكويت لا تترسخ بالتفاخر الفارغ، بل تتحقق بوعي وجهود أبناء الوطن المخلصين الذين لا يعرفون اليأس ولا يأبهون لكثرة العراقيل.
وما 2035 ببعيد!