تغيير نهج لا أسماء
إيمان جوهر حيات
2/8/2021
تغيرت العلاقات الإنسانية عبر التاريخ نتيجة لتغير الحاجات، فحاجة من عاش في العصر الحجري هي حماية نوعه، مرحلة اتسمت بالفردانية تعتمد بشكل كبير على قوة العضلات للدفاع عن النفس وتأمين سبل العيش، تشكلت في هذه الحقبة منظومة من السلوكيات التي تحاكي ظروف البيئة المحيطة ، ومن ثم تطورت العلاقات واتسع نطاقها بداية من عصر الزراعة، وأصبحت هناك حاجة ملحة للأمن و الاستقرار فتم تطوير منظومة الأعراف السابقة لتتوافق مع المستجدات والحاجات الجديدة التي تستدعي ترابط الأفراد مع بعضهم من خلال توزيع المسؤوليات بينهم وأصبحت الحاجة هنا هي ليس فقط الدفاع عن النفس والاسرة بل كذلك عن الأرض مورد الخيرات و مكان الاستقرار ، و لم يتوقف التطور الذي يعبر عن حاجات الناس المتغيرة عبر الزمن وخاصة بعد ما أصبحت المقايضة وسيلة لتبادل السلع واتبع ذلك كما هو بديهي نظام أو عرف يحدد القيمة الضمنية للسلع المختلفة لإجراء مقايضات عادلة ،توسعت فيما بعد العلاقات التجارية واصطحب ذلك انفتاح ثقافي وعلمي وتعددت الحاجات وتعقدت واصبح الشغف بامتلاك النفوذ والسلطة هو المحرك القادم للأحداث وهي نزعة متوارثة من حقبة العصر الحجري ولكن بحلة جديدة حتمت على الإنسان تطوير منظومة الأفكار والأعراف واضفاء القداسة عليها لضمان التزام العامة دون تشكيك أو نقد، نمت الاقطاعيات، وظهرت الممالك والامبراطويات الكبيرة التي تمددت بقوة الذراع طمعا بالموارد ورغبة في السيطرة، سادت الحروب والصراعات ، واستمرت التغييرات حتى بزغ عصر الآلة عصر الانفتاح والعلم وزاد الوقت من سرعته، وفي عز الانتعاش الاقتصادي اتسعت الفجوة بين الناس وزاد الفقر وكثرة الحروب
وتحول الصراع من دول تتنازع على الموارد والمواقع الجغرافية إلى دول تتعارك لبسط ثقافتها وايدولوجيات ومن ثم هيمنتها التلقائية،
ومثال على ذلك صراع النظامين الشيوعي والرأسمالي، والذي تسبب بحروب وصراعات وثورات كبدت العالم خسائر فادحة، وهنا بدأت ترتفع صرخات الناس الناقمة على سوء الأحوال والمطالبة بتغيير السياسات التنكيلية التي تقمع كل صوت ناقد بحجة قداسة والوهية من هم في السلطة، ومع تطور التكنولوجيا التي كان لها الفضل بتقريب المسافات بين شعوب العالم تغيرت الكثير من السياسات وخاصة بعد تأثر أغلب اقتصاديات بلدان العالم، وبرزت منظمات دولية تدافع عن حقوق الإنسان وأخرى تحذر من التغيرات المناخية، وتلزم الدول بتطوير منظومة سياساتها ليصبح الإنسان محور اهتمامها، وأصبح هناك مؤشرات دولية تقيس أداء الدول ومدى التزامها بالمواثيق الدولية، الدول التي واكبت هذا التطور فلحت ومن تشبثت بنهج العصر الحجري والعصور الوسطى اضمحلت وتبددت أو على وشك الانهيار.
علمنا التاريخ أن من يقف في وجه التغيير أو يتحايل عليه لا يدوم، وتلك هي معضلة أغلب الدول النامية التي تماشت ظاهريا مع التغيير دون إدراك جوهره، وتعالت نتيجة لذلك اصوات اغلب شعوب المنطقة تنادي بأهمية بسط العدالة، الحرية، واحترام الحقوق الانسانية، رغبة في العيش بسلام بعيدا عن صراعات النفوذ والسلطة المستنسخة منظومتها من الماضي .
وهذا جزء لا يتجزأ من مشكلتنا التي نعاني منها اليوم والتي هي حصيلة سوء الإدارة الذي تسبب في تحويل المجتمع من منتج إلى استهلاكي، الخروج من هذا النفق المظلم يستوجب تغييرات جذرية تضع باعتبارها الصالح العام لهذا البلد قبل المصالح الشخصية، وهذا التغيير لا يمكن أن يتحقق بنفس الأدوات البدائية التي فتحت الأبواب للفساد الذي أنعش الانقسامات والخلافات المجتمعية وزعزع الثقة بين أفراد المجتمع بعضهم البعض و بالسلطة.
المطلوب تغيير نهج الإدارة قبل تغيير اسماء القادة.