تقاربات دولية وإحباطات محلية

إيمان جوهر حيات

5/10/2021

كل الأنظار تترقب مصير هذه التحولات التي تتطلب تنازلات من قبل كل الأطراف الإقليمية ليتحقق السلام الذي طال انتظاره والذي هو مكسب لدول وشعوب الشرق الاوسط.

فهل سترى هذه المرة المفاوضات النور وندخل حقبة جديدة تترسخ بها العدالة ويسود بها السلام والاستقرار والتنمية والازدهار؟

وهل ستنعكس تلك المفاوضات بشكل إيجابي على الملفات الشائكة حول فلسطين واليمن وسوريا وليبيا والعراق ولبنان؟

على الصعيد الدولي، مفاوضات لعقد تقاربات دبلوماسية إقليمية بين المملكة العربية السعودية وإيران، تركيا ومصر، تزامنا مع تغير السياسة الأميركية، وعزم إدارة بايدن على المضي في سحب القوات الاميركية من المنطقة المنكوبة بالصراعات والتي لم تعد محور تركيزها الأهم.

تتبادر العديد من التساؤلات حول طبيعة هذه المفاوضات وهي في بدايتها، هناك من يشكك بهذه الجهود اما خوفا من تضرر مصالحه التي لا تتحقق إلا من خلال تصاعد وتيرة الأزمات واستمرار الشقاق بين دول المنطقة، أو هو حصيلة للإحباط العام الذي ساد أجواء المنطقة التي تفتقر اغلب شعوبها الى العدالة والكرامة والمساواة والحقوق الانسانية والحريات، وما خَلَّفَه ذلك من صراعات ونزاعات وفساد أفقد اغلب الشعوب الأمل في حكوماتهم ونخبهم السياسية والاجتماعية، وأصبح مجرد الشعور ببصيص الأمل عارا لا يغتفر، ولا يلامون.

على الصعيد المحلي ومع تصاعد وتيرة الخلافات السياسية التي كل يوم لها ثوب مختلف يفصله بعض المتنفذين ويرتديه المرتزقة والوصوليون ويقع في شِركه المغيبون، وما تمخض عن ذلك من إحباط الديموقراطية التي لم تمارس بشكلها الصحيح وظلت تموج وسط تجاذبات أغلبها لا تضع اعتبار للمصلحة العامة، وانقسم المجتمع بين من يحمل راية الحكومة ومن يحمل راية المعارضة ومن يترقب من بعيد في حسرة، واللا مبالي، ومن يشكك في جميع من سبق، والفساد مستمر في التراكم، والصحف تتسابق لنشر فضائح الهدر وتُهم تورط بعض المسؤولين بالفساد، وديوان المحاسبة يرصد التجاوزات والمخالفات على أغلب مؤسسات البلد، والانتقاد مطارد بالقوانين المقيدة للحريات، والنتيجة هي حالة من الإحباط الذي ساد المجتمع والذي هو رد فعل على عدم توافق توقعات أفراد المجتمع مع الواقع المدرك. وما الإحباط إلا خيبة الأمل من عدم تحقيق الفرد هدفا من أهدافه أو رغبة من رغباته، أو شعوره بالتجاهل أو الإهانة، وعواقب هذا الشعور وخيمة على الدولة والمجتمع لما قد يتمخض عنه من انسحاب وعزلة او هجرة العقول أو العنف أو الغضب أو العدوان، ونحن بغنى عن كل ذلك وما نحتاجه هو قراءة واعية لما يحدث من تغيرات اقليمية واستيعاب الاستحقاقات الدولية التي تحتم على أصحاب القرار اتخاذ كل التدابير لاستدراك حالة الاحتقان والإحباط السائدة في المجتمع والتي أفضت بتأثيرها في السلوك والمواقف الفردية، وضرورة العمل على رسم سياسات توافقية تحقق تطلعات أفراد المجتمع من دون إقصاء أو تمييز، والبعد عن سياسة فرق تسد، وتجنب اختلاق الأزمات التي تهدف الى تشويه صورة الديموقراطية ونكث دستور 1962.