وداعا يا عيسى
إيمان جوهر حيات
2/19/2018
توارت شمسك يا عيسى بغير موعد على المغيب، رحلت عنا، ورحل من هم قبلك بسبب تصرّف معيب، وتخبّط وعدم مسؤولية وواسطات وألاعيب، ومناهج بائسة بها التلقين والترهيب ومعلمين يعينون من دون تأهيل وتدريب، وعبث وسوء إدارة بلا رقيب ولا حسيب، رجاءً لا تلقوا بلاكم على القدر والنصيب، فما حدث هو من صنع أياديكم التي منها الرأس يشيب. كم مرة ومرة طلبنا منك يا حكومة أن تصلحي من شأنك، وكم مره نوهنا بأن التربية والتعليم مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الدولة وتحتاج كوكبة من الكفاءات العالية والمتخصّصة في طرق التدريس الحديثة التي يستطيع المعلم من خلالها أن يستخدم أحدث الأساليب والأدوات التربوية والنفسية والاجتماعية التي تمكنه من استيعاب الاختلافات الفردية لكل طالب وتَفَهُّم وضعه وظروفه والتعامل معه بشكل صحيح، لكن للأسف لم يتحقّق ذلك على أرض الواقع، وكل ما لدينا كومة دراسات وبحوث بلا تطبيق. أي إصلاح نرجو وهذا هو مصير أبنائنا في المدارس التي من المفترض أن تصون وتحمي النشء وتؤهله لكي يكون قادرًا على تحمّل المسؤولية، لكن يبدو أن الإدارة التربوية لا تستوعب ذلك أو غير راغبة في إحداث ذلك التغيير! يا وزير التربية الملفات الشائكة لديك كثيرة من شهادات مزوّرة ومنهج مشوّه، وهيئة تدريسية أغلبها غير مؤهلة. وعنف متفشٍ بالمدارس.. إلخ! هل تعلم لو رُبع ما هو منسوب إلى وزارتك حدث في إحدى الدول المتقدمة لتقدم الوزير المعني باستقالته الفورية أو لخضع تحت وطأة الاستجواب والتحقيق والتظاهرات الشعبية؟!
تشكيل لجنة تحقيق للوقوف على ظروف وملابسات وفاة الطالب عيسى البلوشي، وتوقيف المعلمة عن العمل لحين الانتهاء من التحقيق لا يحل المشكلة ولن يرجع عيسى، الخلل كبير والمشاكل متراكمة بلا حلول فلا تزال الوزارة تستقطب معلمين غير مؤهلين للتدريس، وذلك نظرًا الى سطحية المناهج التلقينية التي تشربونها والتي تعزز الكراهية والاتكالية وتقتل الإبداع والتفكير، وعدم إلمامهم بالأساليب والطرق الحديثة في التدريس، ومن ثم لقنوا تلك الأفكار الهدامة لأبنائنا ليكونوا ضحايا جدداً من المغيبين، ففاقد الشيء لا يعطيه.
«ولا أعمم كلامي على الجميع فلدينا ثلة من المعلمين المعطائين الذين كان ــــ ولا يزال ــــ لديهم كثير من المحاولات في إحداث التغييرات وتحسين المناهج والبيئة التدريسية، لكن تحول بينهم وبين طموحاتهم العراقيل البيروقراطية».
كم تريدين يا حكومة من ضحايا حتى تستوعبي أنه آن الأوان للتغيير؟!
وكيف تريد يا شعب أن تُصان حقوقك وأنت متشبّث بالماضي السحيق؟!
ألقي باللوم على منظومة متكاملة متهالكة بسبب سوء التخطيط والإدارة وقصر النظر، وعلى ووزارة التربية والوزير وإدارة المدرسة وأغلب مؤسسات المجتمع المدني، ومجلس الأمة، وكل من أعطى صوته لمرشح يعتقد بأصله ومذهبه وقبيلته وعائلته وطائفته لا كفاءته، نعم كلكم مسؤولون عن ذلك لأن الشفافية والوضوح معدومان بينكم، إخفاء الخطأ وتزيينه بالتبريرات الفارغة لا يحلان مشاكلنا بل يعقدانها، وعلينا إن كنا صادقين في الإصلاح أن نضع اصبعنا على السبب الأساسي والعمل على وضع الحلول الجذرية، وأن نصوّب أعيننا نحو هدف واحد يجمعنا، وهو مصلحة الكويت، متى ما تقبلنا اختلافاتنا وترفّعنا عن خلافاتنا وأدركنا جميعًا أننا أبناء وطن واحد.. فهنا فقط تُحَلّ أغلب مشاكلنا.