وطن مستدام
إيمان جوهر حيات
7/7/2021
الولايات المتحدة التي تدخل في مرحلة دقيقة من تاريخها حيث اجتمعت أزمة الوباء وتداخلت مع جملة من المشاكل والأزمات التي انعكست آثارها بشكل سلبي على الوضع الداخلي والخارجي على حد سواء، وأصبحت الإدارة الجديدة تحت ضغوط كبيرة تلزمها على تغيير نهجها المتبع وإعادة ترتيب أولوياتها وتغيير تحالفاتها وهكذا تصاعدت حدة التأجيج السياسي، واختل ميزان الهيمنة بين مشاكل الداخل المتراكمة، وأزمات الخارج المتفاقمة من حروب بالوكالة ونزاعات حول ثروات طبيعية وممرات ومضائق مائية ومواقع استراتيجية، خاصة في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وبين كبح جماح القوى الصاعدة التي تعمل جاهدة لتكون قوة مؤثرة وحاضرة تستقطب أنظار دول العالم التي تبحث عن نموذج إصلاحي تنموي متكامل يساعدها في النهوض والاستمرار والهيمنة، تلك القوى الصاعدة أصبحت مصدر قلق كبير للقطب الأوحد الولايات المتحدة صاحبة السلطات الواسعة التي من الصعب أن تتقبل نجاح نموذج مختلف عن منهجيتها السائدة كالنموذج الصيني ذلك التنين الصاعد و عودة الخصم القديم الروسي الذي يطمح بتعزيز وجوده دوليا وأن يكون لاعب رئيسي ومؤثر.
أما منطقتنا المنكوب اغلب دولها ليست بالخصم الحقيقي، نحن مجرد ساحة المعركة ووقودها، واختلفت أولويات الحلفاء ولم يعودوا يكترثون كثيرا بالنفط مصدر معظم ثرواتنا، وأصبحنا مجرد موقع جغرافي مهم يسوده التأزيم، بحارنا ومضائقنا وممراتنا المائية معسكره، ثرواتنا على الهدر والفساد مبعثرة، طاقتنا البشرية مبددة، مصالحنا الخارجية والداخلية مهددة، وأصبحت منطقتنا المؤججة بالصراعات مصدر قلق دولي وخاصة لما يسببه هذا الوضع غير المستقر من ضرر على مصالح الدول الحيوية والاستراتيجية.
المشهد الدولي العام في غاية التأزيم، ولسنا في هذا العالم المترابط والمتصل بمعزل من انعكاساته التي ضربت معظم دول المنطقة وخاصة تلك التي لا تملك رؤية واضحة للمستقبل، أو لا تملك القدرة على التطوير، ورغم كل ما نمر به من تأزيم على المستوى المحلي إلا أننا ما زلنا نملك القدرات والامكانيات والكفاءات التي تستطيع إنقاذ الكويت وتصحيح المسار، وكل ما هو مطلوب عقد حوار وطني عاجل يستقطب كل فئات المجتمع المختلفة دون إقصاء أو تهميش لاعتماد خارطة طريق متراضي عليها من قبل كل الأطراف وتصب في الصالح العام، وهذا الأمر يستلزم تقديم تنازلات من قبل جميع الأطراف ولن تنال تلك التنازلات القبول من قبل اغلب افراد المجتمع حتى يرون اليد النظيفه الممدودة، والحكمة المعهودة تتجلى على أرض الواقع وتفتح كافة الأبواب الموصودة لعقد مصالحة شاملة تستقطب المغضوب عليهم بسبب تعبيرهم عن آرائهم من زاوية مختلفة عن السائد، وممارسة واجبات الدولة بالشكل الصحيح الذي يكفل كافة حقوق أفراد المجتمع ويعزز روح المشاركة المجتمعية ويحتضن التعددية ويحميها بسقف مرتفع من الحريات، وتحقيق العدالة التي غابت عن بعض الفئات بسبب أعراف وعادات وتقاليد تحمل في طياتها بعض الموروثات التي اصبحت في زمن العولمة المنفتح منبوذة بسبب ما يشوبها من عنصرية وتعصب.
المطلوب وطن (مستدام) له رؤية مستقبلية واضحة يحتضنا جميعا ويحفظ مقدراتنا ومقدرات أجيالنا ويحمي طموحنا ويحترم حرياتنا المكفولة بالعقد الاجتماعي وكافة المواثيق الدولية الحقوقية التي أصبحت ميثاق وخارطة طريق لكل الدول الراغبة في التقدم والازدهار.
حماية الداخل هي حماية للشرعية… والحكمة بالمبادرة.