فلسطين و خطر إيران

إيمان جوهر حيات

5/13/2019

تواصلت مع زميل يقطن فلسطين وسألته عن أحوال أهل فلسطين. وبنبرة حزينة قال «ضاعت القدس وستُسلب المزيد من الأراضي ولا ألوم العرب الذين سعوا (للتطبيع)، لأننا نحن من خذلنا أنفسنا في بادئ الأمر، وكان من المفترض أن نتعلم من إسرائيل التي رغم عنصريتها وإجرامها اللذين لا يُغتفران، فقد سعت لتأسيس بنية تحتية صلبة في كل المجالات، وفرضت نفسها على العالم، ليس في سرد الخطابات العاطفية، بل بالتصنيع والإنتاج والتعليم المتطور وتطبيق القانون بلا تمييز على الأقل على (أبناء شعبها)، وأكبر دليل هو محاسبة رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت وزجه بالسجن بسبب إدانته في قضايا فساد، فهل يحدث مثل ذلك في أغلبية دولنا العربية؟!» دُمِرت أغلبية الأراضي العربية التي يعمها الجهل والاستبداد والتطرف والعنصرية، ويكفينا متابعة تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المهينة للعرب والمسلمين بشكل عام ونظرته لدول الخليج كمصدر للمال فقط لا غير! صراع المصالح الذي نشهده، والذي غيّر خريطة التحالفات، قسّم منطقة الشرق الأوسط إلى فريقين أساسيين، فريق التطبيع الحليف للولايات المتحدة، وفريق بقيادة دول تسعى جاهدة لمنافسة الولايات المتحدة كالصين وروسيا. الولايات المتحدة وما تمارسه من ضغوط وخلفها إسرائيل الوكيل المستقبلي للشرق الأوسط استغلتا الخلافات المتفشية والمتوارثة منذ حقب سحيقة بين العرب، بعضهم مع بعض، وبين العرب وفارس، اللذين لم يعرفا حجم الثروات التي سيجنيانها إذا تحالفا.

علما بأن جمهورية إيران «البعبع الأكبر» التي تسعى الولايات المتحدة الأميركية ووكيلها المستقبلي وحلفائها دوما إلى تضخيم خطورتها، وهي ليست بريئة، حالها كحال أي دولة تسعى لبسط هيمنتها ونفوذها بخلط السياسة بالدين، ولكنها موجودة ولا يمكن التخلص منها ومحوها من على الخريطة، فهي إمبراطورية سابقة وتطمع أن يكون لها وجود وحضور فاعل في المنطقة التي تتشاطر معها الخليج العربي، وأغلبية سكان الجنوب الغربي من أراضيها هم من العشائر العربية، وكذلك هم جزء من تركيبة سكان دول الخليج العربي وتربطنا بهم صلة رحم، فلماذا لا تُستثمر تلك العلاقات وتمد الجسور بدلا من قرع طبول الحرب؟! فوضع المنطقة محرج والشعوب لم تعد تتحمل المزيد من الضربات.

وهذا لا يعني بالطبع أن منافسي الولايات المتحدة أفضل منها، فكل طرف يتسلق على نقاط ضعف الطرف الآخر، تلك لغة المصالح التي علينا أن نفهمها.

الاستبداد وحرب المصالح اللذان نشهدهما اليوم، ولغة الابتزاز والضغط اللذان يمارسان بين الحين والآخر لن ينتهيا حتى نغير من منهجيتنا ونظرتنا للأمور، وألا نكون مجرد أدوات لعبور الآخرين على أكتافنا ومن ثم التخلص منا، والسبيل الوحيد لتدارك الانزلاق في وحل الفتن والتطرف والجهل هو بإرساء العدالة والحرية والمساواة والالتزام بالمنهج العلمي لتأسيس أجيال قادرة على مواكبة التغيير وقيادة المستقبل.

الشعوب تريد أن يتحقق السلام ولكن بلا إذعان.