حبيبتي لا تحزني
إيمان جوهر حيات
3/23/2020
منذ أن دخل علينا ڨيروس كورونا المستجد (قاطع الوصل) انقلب الحال رأسا على عقب.
أجمعت جميع المصادر الموثوقة الدولية و المحلية على ضرورة التباعد الاجتماعي وتنظيف اليدين بالماء والصابون والمعقمات، واعتماد نظام صحي يرفع من مناعة الجسم، كما اتضح أن أكبر نسبة من المتضررين هم كبار السن أو أصحاب المناعة الضعيفة، وأهمية عزلهم في هذه الفترة العصيبة حفاظا على صحتهم، وعليه وبسبب إصابتي بالزكام ولا اخفي عليكم قلقي وتوجسي، وقرب يوم جمعتنا، تحدثت مع امي بحرص لاني أعلم انها شديدة الحساسية، وشرحت لها كل التفاصيل عن الوباء، وطلبت منها ان تعزل نفسها وتعتني بصحتها.
كانت هادئه لم تهرع، أحسست بأنها لم تلقي اهتماما لأغلب ما قلته! وأيقنت ذلك حين سألتني بشكل مباشر هل سأحرم من لقاء أحفادي؟ وكم سيطول ذلك؟
أدركت أهمية استيعاب طبيعة المتلقي المتفردة والخاصة قبل الخوض في أي حوار أو نقاش، وحاولت أن أخفف عنها، ورجوتها أن لا تخرج وتكلمني إذا احتاجت أي شيء من الخارج لحين شفائي، اعلم جيدا انها تأثرت كحال أغلب الأمهات والآباء المرتبطين عاطفيا بمن حولهم، وخاصة البعيدين تماما عن التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي التي قد تؤنس عليهم وحدتهم.
وأعلم أنني لست الوحيدة في تلك المعاناة، خاصة أننا في مجتمع تحوز به الروابط الأسرية على مكانة عالية.
التباعد الاجتماعي هو ضرورة للحماية الصحية من كوفيد-19 ، ولكن ما هي الآثار المترتبة على تلك العزلة؟ وكيف نستطيع مواجهتها؟
لابد من تسليط الضوء على الانعكاسات السلبية التي أثرت على المزاج العام ولم تسلم منها صحتنا النفسية.
حيث ان استمرار الضغوط النفسية المترتبة على التباعد والعزل الاجتماعي الذي فرضه كورونا المستجد والشعور بالوحدة قد يعرض البعض للاصابة بالاكتئاب والخوف والقلق وتجاهل ذلك يؤدي الى اضطراب أو خلل في أداء بعض الهرمونات ومنها هرمون الكورتيزول الذي تفرزه الغدة الكظرية، وبعض وظائفه المهمة هو الحفاظ على توازن الجسم من خلال السيطرة على مستويات السكر في الدم، ومساعدة الجسم للاستجابة للضغط أو الخطر، والمساعدة في صياغة الذاكرة، وتنظيم عملية التمثيل الغذائي، ويؤثر على (كيفية عمل جهازك المناعي) حسب موقع (مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها CDC وجونز هوبكينز ميديسن Johns Hopkins Medicine).
أي أن أثار العزلة الاجتماعية على النفسية قد تسبب خلل بأداء المناعة، و يستوجب التعامل بوعي لتجنب ذلك.
اغلب كبار السن والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، و من هم في عزلة وارتباطاتهم محصورة في أشخاص معينين و محدودين يقومون على رعايتهم و تلبية احتياجاتهم أو يشكلون مصدر مهم لسعادتهم، بحاجة لرعاية خاصة تقيهم من الدخول في أزمة نفسية قد تعرض صحتهم للخطر، ويستوجب على من يقومون برعايتهم الحذر الشديد على أنفسهم صحيا ونفسيا والتحلي بسعة البال لأجل حماية المقربين والمتعلقين بهم.
أزمة كورونا متشعبة ولها أبعاد كثيرة تتعدى الجانب الصحي والاقتصادي الذَين أغرقا مانشيتات الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي، هي أزمة تحدي لطريقة ونمط حياتنا، ومواجهة هذا التحدي يستوجب منا التضامن المجتمعي وتنمية الوعي الصحي والنفسي، وحصر واستيعاب الازمة التي نعيشها و كل الآثار المترتبة عليها، والعمل سوياً على إيجاد الحلول المناسبة التي تعيد لنا ابتسامة أحبابنا.
لأجلهم ابقوا في البيت