حفلة زار شرق أوسطية‎

إيمان جوهر حيات

8/17/2020

صراع متعدد الأطراف في ليبيا وسوريا، وتأهب بين دول شرق البحر المتوسط، وأزمة بين مصر وأثيوبيا بسبب سد النهضة، وفتور العلاقات بين بعض دول مجلس التعاون الخليجي، وصدع كبير في فلسطين واليمن والعراق ولبنان، والقائمة باتساع والشعوب في حالة استياء، هي حفلة زار برعاية الانقسامات الداخلية السياسية والاجتماعية في دول المنطقة وما بينها، وتصدر صفقة القرن التي بدأت بضم القدس الشرقية لإسرائيل ضاربة عرض الحائط بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن المناهضة لذلك الفعل، والتأزيم المتفاقم حول مصادر الطاقة في المنطقة من نفط وغاز، ونزاعات مستدامة حول منافذ المياه ومصادرها، وتفشي الوباء العالمي الذي عجل من وتيرة الإخفاقات ودمر الاقتصاد وأوهن أواصر العلاقات بين دول المنطقة التي لم تكن في يوم بحالة استقرار.

التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب سيظل مستمرا ولن تعوقه صرخات أو استنكار الشعوب التي لا تملك مصيرها، ولا تقوى على التصدي لسياسات حكوماتها المدججة اغلبها بالقوانين المقيدة وأجهزة المراقبة الشاملة المتطورة، التي ترصد دبة النملة وتُنكل بكل ناقد ومعارض بحجة الدفاع عن الأمن القومي وغيرها من الحجج التي أغلبها واهية.

السياسة لا تعرف العاطفة ولا تأبه إلا لتحقيق أكبر قدر من المصالح، وما حققته إسرائيل من إنجازات على الصعيد العلمي والتقني، والذي يفوق انجازات أغلب دولنا العربية والإسلامية مجتمعة، والمنشغلة في الخلافات والصراعات المذهبية والطائفية والقبلية، واستغلال المال السياسي لتدجين بعض المثقفين والمعارضين وأغلب وسائل الإعلام، هو ما جعل إسرائيل، رغم تعدياتها غير المغتفرة، خصما قويا يحظى بثقة الولايات المتحدة وأغلب دول الاتحاد الأوروبي، وهو ما جعل اسرائيل تبسط هيمنتها على اغلب دول المنطقة المفككة.

يكفي النظر الى التراشق الحاد الذي ساد وسائل التواصل الاجتماعي بعد إعلان دولة الإمارات اتفاق سلام مع إسرائيل، وهي ليست أول دولة عربية أو إسلامية تقوم بذلك، نعم قد يشعر بعضنا بالأسى على حال فلسطين ولكن وصف كل معارض لهذا التوجه بالخيانة والولاء لإيران ليتحول الوضع مرة أخرى إلى تراشق مذهبي، وتتدفق الفتاوى المعلبة والمُسيسة من كل اتجاه، وتتلاعب بمشاعر الناس وتؤجج الخلاف غير المنطقي ضد كل من ينتقد التطبيع، الذي سيتلاشى أثره تدريجيا مع مستجدات الأحداث التي تعج بها منطقتنا المنكوبة بالفساد والصراعات، هو إفلاس سياسي لن يقود هذه المنطقة إلا للخيبة والانكسار.

لن يتحقق السلام الذي نتوق إليه في منطقتنا من دون تحقيق الأمن الإنساني الذي تفتقده معظم شعوب المنطقة، بسبب غياب العدالة الاجتماعية وتفشي الفساد، وسوء الإدارة، وهشاشة أغلب البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وكذلك البيئية، والكف عن سياسة المحاصصة والعنف والإقصاء والتمييز، واستغلال وتسييس الدين لتغييب العقول وزرع الكراهية بين أفراد المجتمع وبين الشعوب، وإبعادهم عن دورهم الحقيقي في تنمية الأوطان وتطويرها وإعمارها.