حكم الغاب
إيمان جوهر حيات
12/25/2017
تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أنشئت عام 1945، والتي تعتبر قلب ديموقراطية الأمم المتحدة، الخميس 21 - 12 - 2017، قرارا يرفض اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل بتأييد 128 دولة ورفض تسع، مع امتناع 35 بلداً عن التصويت. وعقب ترامب في حديثه مع صحافيين في البيت الأبيض: «إنهم يأخذون مئات الملايين من الدولارات، حتى مليارات الدولارت، ثم يصوتون ضدنا. حسنا، سنتابع هذا التصويت، دعهم يصوتوا ضدنا، سنوفر الكثير من الاموال، نحن لا نهتم»، في إشارة منه إلى الدول التي تصوت ضد الولايات المتحدة. وهددت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي الدول التي ستصوت تأييدا للقرار. نعم ترامب لا يهمه شأننا.. هل هذا الكلام يجرح مشاعرنا؟ لو توجهنا بأنظارنا لوضع الشرق الاوسط وما تم تداوله بمختلف وسائل الاعلام وعبر اغلب منابر المشايخ والدعاة ومدعي الثقافة (قبل ادلاء ترامب بقراره المثير للجدل الذي كان مقررا منذ زمن) من ضرورة التطبيع لترسيخ السلام بين إسرائيل والعرب وطي صفحة الخلاف التي لم يثمر عنها إلا الجفاء والالم، بحسب تعبيرهم! فالبعض أنكر وجود دولة اسمها فلسطين، والبعض الآخر تفاخر بالعلاقة التاريخية التي تقربه من إسرائيل!
بينما نشاهد ونقرأ الانتهاكات الصارخة لقواعد ومبادئ حقوق الإنسان في معظم دولنا العربية والإسلامية، فأبواب السجون مفتوحة لكل من يعبر عن رأيه بصراحة أو يناهض سياسة قائمة او يناقش فكرة سائدة غير مقتنع بها، وبسبب المطامع والفتن المتفشية بين أبناء الامة تدهورت حال العراق واليمن وليبيا وسوريا، وآخرها ما حدث بين بعض دول مجلس التعاون الخليجي والقائمة تطول.. وتفتت بعض دولنا بسبب صراعات أزلية متوارثة من حقبات دكتاتورية بائدة لم يشغل اهتمامها، آنذاك، إلا بقاؤها، وان كان على أكفان الشعوب.
ترامب وجد ان لا فائدة من التفاوض مع أمة مفككة متناحرة هزيلة ليس بيدها أي قرار ولا لها أي بعد نظر.
ربما أراد ترامب ان يوصل لنا رسالة ساخرة تكشف مدى ضعفنا وعدم قدرتنا في إدارة أمورنا بشكل مدني ومتحضر، واتكال اغلبية دولنا على المساعدات والمعونات والحماية التي نتلقاها من أميركا وغيرها من الدول الأوروبية. وربما هو يحدثنا بنفس اللغة التي تستخدمها بعض حكوماتنا العربية المتسلطة التي تستعرض عضلاتها ونفوذها لتبسط قوتها على من يناهض فكرها وعلى جيرانها الأضعف من مبدأ ان القوي هو المهيمن وان الضعيف عليه الخضوع والامتثال وإلا سيكون مصيره العدم.
كيف نطالب الغرب باحترام كياننا ونحن لا نحترمه؟
إننا بحاجة شديدة للنهضة من سباتنا العميق، وادراك موقفنا من هذه المنظومة الدولية التي نحن جزء لا يتجزأ منها، فما نشهده اليوم ليس إلا محصلة قرارات تراكمت عبر الزمن، وأنتجت الواقع التعيس الذي تشهده أمتنا اليوم، نحن بحاجة شديدة لغربلة كل الأفكار والمفاهيم ونقد الموروثات ووضعها أمام محكمة الدليل والبرهان، وإخضاعها للمنهج العلمي الذي يعتمد على الواقع لا على الخيال، وتمكين القوى البشرية من استخدام ملكاتها وأدواتها العقلية لما يعود بالنفع على المجتمع والوطن.
هل آن الاوان لكي يتبنى الشرق الاوسط مشروعا موحدا نهضويا يجمع شتاته، ام سيبقى هائما في صراعاته حتى يفقد هويته؟