حُراس الهوية الوطنية

إيمان جوهر حيات

11/4/2019

الهوية الوطنية هي تجانس ثقافي، ووعي وإدراك جماعي ذاتي بالخلفية المشتركة التي تربط المواطنين ببعضهم، والسلوكيات التي يجب أن ينتهجها الأفراد الذين تجمعهم حدود بقعة جغرافية تسمى دولة، تتصف بالمدنية التي بها تحتوي الاختلافات، وتستوعب التنوع بين أفراد المجتمع وتضع حدا للصراعات والخلافات التي تؤجج استقرار الوطن.

هذا ما فهمته عندما بحثت عن معنى الهوية الوطنية، فهي مرنة غير ثابتة تتمدد بالخبرات متوافقة مع التغيرات.

ولا أفهم تلك النظرة الضيقة الاحادية التي يتبناها بعض المتنفذين وأتباعهم ويفرضونها على كل المواطنين دون احترام لاختلافاتهم الفردية.

وتلك اللغة العنصرية التي تحدث بها البعض ممن نصبوا أنفسهم اوصياء وحُراسا على الهوية الوطنية.. وتخوينهم لجهود أبناء وطنهم الذين اعتكفوا وعملوا بجد ومثابرة على صياغة رؤية حل حقيقية لقضية البدون الازلية وعرضها على الشارع الكويتي، ولم يكتفوا بإطلاق الوعود الوهمية التي يكتنفها الغموض والسرية!

هويتنا الوطنية لن تهتز اذا انصفنا ناسا يعيشون بيننا بأجسادهم فقط ونفوسهم محطمة ومثقلة بالهموم واليأس والغضب.

هويتنا الوطنية لن تنعدم إذا أنصفنا المظلوم ورحمنا الضعيف والمتضرر والمحتاج،

هويتنا الوطنية لن تتضرر إذا أرجعنا حقوق المستحقين من البدون بعد سنوات عديدة من الحرمان.

قانون المحامين للبدون الذي اعده الاستاذ المحامي عبد العزيز طاهر الخطيب وجمعية المحامين الكويتية، والذي تم نشره في كل وسائل التواصل الاجتماعي تحقيقا لمبدأ الشفافية، لِيَطّلِع عليه كل من يهمه أمر تلك القضية، هو ثمرة جهد مجتمعي وبأياد وطنية استشعرت أهمية تفعيل دور المشاركة المجتمعية لحل قضية إنسانية لم تَحسم أمرها المؤسسات المسؤولة لسنوات طوال، بل عقدتها وشوهتها واختلطت الأمور وأصبحت اشكالية محفوفة بالتعقيد والغموض!

عالج القانون المقدم لمجلس الأمة من جمعية المحامين تلك المعضلة (البدون) بعدالة وإنسانية، وقسم البدون لفئات مختلفة على حسب استحقاقها، والذي تحدده المستندات الرسمية الصادرة من الدولة، والأهم هو اجازة حق التقاضي لتلك الفئة وهذا الحق هو حق إنساني أصيل كفله دستور الكويت في المادة 166 التي كفلت حق التقاضي لكل الناس بلا استثناء.

تفاعل مجموعة من أعضاء مجلس الأمة ودعموا وتبنوا القانون، واتمنى الا يتوارى هذا الدعم تحت الضغوط، أو أن يكون مجرد سبيل لإثبات وجود أو تكسب من موقف.

«اليوم الكلام «الزايد» وحده ما عاد يأثر في الناس».

والأجمل في حقيقة الأمر هو تفاعل العديد من المواطنين مع مقترح القانون، سواء بتأييده ودعمه أو حتى رفضه، وبغض النظر عن كل المآخذ والسلبيات التي رُصِدت واتضحت، هذا التفاعل المجتمعي الحاصل تجاه ذلك القانون هو مؤشر جيد يشير إلى أن المجتمع على قدر من الوعي والمسؤولية، وعلى الحكومة أن تضع ذلك بعين الاعتبار، وأن تسجل موقفا إنسانيا يحسب لها، وتفخر به الأجيال.

الكويت لم تعد ذلك الكوت الصغير «المنعزل».