للمرة الألف البدون

إيمان جوهر حيات

2/10/2020

على مدى سنوات نسمع وعود حكومية متكررة لحل قضية البدون، وتم إنشاء الجهاز المركزي في 2010 لحسم تلك القضية خلال ما يقارب خمس سنوات، أي المفترض أن يتم حل المشكلة بشكل جذري و (عادل) و إنساني في 2015، ولم يحدث ذلك ولا أعلم من المستفيد من إبقاء هذا الملف بلا حلول! وظلت القضية تحت التسويف والشد والجذب حتى يوليو 2019، حيث وعد رئيس المجلس بحل جذري وشامل وعادل لقضية البدون خلال الصيف، وانتهى الصيف، وساد الصمت إلى أن قام الرئيس في 5 من فبراير 2020 بمرافعة سُميت بالتاريخية تطرق من خلالها لقضية البدون وتزوير الجناسي.

كما أشاد الرئيس بدور الجهاز المركزي و إنجازاته ، وفي ذات الوقت عرض خلال مرافعته عن وجود مستحقين للجنسية وذكر حالة مستحقة ومثبتة بالمستندات ولكن لازالت بدون هوية!

و أتساءل لماذا لم يقوم الجهاز بدوره تجاه تلك الحالات المستحقة حتى تاريخه؟

وما هي إنجازاته التي يشيد بها الرئيس ؟

لا يمكن تقييم أداء أي مؤسسة ليس لديها برنامج مستند على تخطيط مدروس ودقيق ومحدد بفترة زمنية، ووجوب الشفافية والوضوح التي يتسنى من خلالها تقييم أداء المؤسسة بطرق علمية منهجية لا عاطفية.

وللأسف ليس لدينا تصور واضح لمهام الجهاز المركزي الذي كلف الدولة منذ تأسيسه ميزانية ضخمة ولم نرى سوى المزيد من التعقيد والتفرع للقضية ، وهذا يدل على خلل يستدعي الانتباه والرصد

كما أشار الغانم إلى ملف الهوية الوطنية وقال : "اذا سكتنا عليه.. دمار للكويت و الكويتيين في المستقبل"

والسؤال من الذي سكت وتستر؟؟

أليس التستر على الخائن جريمة يعاقب عليها القانون؟

علما بأن الجهاز المركزي هو من يدعي امتلاك كافة المستندات التي تدين تلك الشريحة وكما تم التصريح من قبل الرئيس بأنهم خونة و جيش شعبي، وهذا الكلام خطير ويستدعي منا التوقف و الانتباه ، فحل القضية ليس بمنح جوازات اقتصادية أو مزورة … بل بتقديم كافة المستندات للقضاء ليتم الفصل بها، أما إلقاء هذه التهم جزافاً واستبعاد القضاء وعدم حفظ حق المتهم في الدفاع عن نفسه ما هو إلا انتهاك صارخ للعدالة.

كما أدان رئيس المجلس قانون جمعية المحامين وادعى إنه مَنفذ لغير المستحقين! وهذا الكلام يبتعد عن الدقة لأن المادة (5) من هذا القانون تركز على أهمية تدخل القضاء للفصل في الحالات المشتبه بها، بينما قانون الرئيس لا دور للقضاء فيه...ما السبب؟

الأجدر بدلاً من تسفيه قانون جمعية المحامين، و التراشق الغير مجدي ومنع المنظارات والتعتيم الإعلامي الذي يقصي الرأي الآخر ويبعده عن المشهد،هو ضرورة فتح قنوات الحوار لبلورة رؤية متكاملة لا تغفل الجوانب القانونية والانسانية ولا تقصي أو تظلم أحد، والأهم تمكين القضاء من الفصل في الأمور التي طرحها رئيس البرلمان والجهاز المركزي.

والسؤال الأهم..

هل حقا مطلوب حل هذه القضية لتداعياتها الإنسانية والأمنية وتأثيرها على الاستقرار الداخلي للدولة؟ أم هذا التداول برمته مجرد إبر تخدير وتلميع صورة مزيفة أمام المجتمع الدولي أو تحقيق مكاسب انتخابية؟