لنترك بصمة جميلة

إيمان جوهر حيات

12/17/2018

حكومات ومجالس جاءت ورحلت، وكم من أزمات وكوارث بنا عصفت، ونتساءل عن سبب تعثر مسيرتنا الديموقراطية؟ هل هو قصور في الفهم؟ ام خوف من التغيير؟ احنا «ماشيين» على بركة النفط والدينار، ولكن إلى متى ستدوم تلك البركة؟ ومتى يصبح التدبير والوعي سيد المرحلة؟ تحليل ما واجهته الكويت الحبيبة من أزمات وكيف تعاملت معها أغلب الحكومات يكشف منهجية الإدارات المتعاقبة التي أخفق معظمها في تطوير سياسات واستراتيجيات منسجمة مع الانفتاح ومتوافقة مع ثقافة المجتمع المنفتحة والتي كانت في ما مضى سببا لتميز وازدهار البلاد، والأهم هو القدرة على وضع خطط مدروسة لادارة الأزمات المفاجئة ومحاولة تقليل الخسائر قدر الإمكان، وعلى سبيل المثال فما «أزمة سوق المناخ والمديونيات الصعبة والاستثمارات الخارجية والغزو وتهريب الديزل، والإيداعات المليونية وتوزيع القسائم الصناعية والزراعية… إلخ» إلا مجموعة من التجاوزات والإخفاقات التي قادت البلد إلى نفق مظلم محفوف بالمخاطر، والخروج من هذا النفق يستوجب رصد واستيعاب الأسباب ومواجهتها والعمل على تقويمها. أما سياسة اختلاق الأزمات والمشاكل المفتعلة واثارة الرأي العام بفتح جبهات متعددة آخرها اعادة فتح موضوع إسقاط القروض لدغدغة مشاعر العامة وإخفاء مشاكل أخرى أكثر أهمية! هذا بحد ذاته سبب كاف لتراجع البلد وتفشي ظاهرة الفساد التي تعج بها مانشيتات وسائل الإعلام المحلية وتنذر به المؤشرات الدولية، والحل يبدأ بالاعتراف بالخطأ، والشجاعة بالمواجهة، وتقبل الانتقاد، والعمل على تحسين الأداء. نحن بحاجة لإدارة حكومية قادرة على إدارة الأزمات وليس الإدارة بالأزمات!

الأزمات كثيرة ومختلفة وتتعرض لها غالبية دول العالم، والفرق بين الدول المتقدمة أو التي تسعى للتقدم ونقيضها هو منهج التفكير المستخدم في احتواء المشاكل والسيطرة على الأزمات، فالدول المتقدمة هي التي تعتمد على المنهج العلمي في دراسة كل المشاكل قبل أن تتعقد وتتفاقم وتصبح ظواهر وأزمات، ووضع مجموعة من الخطط البديلة تأهباً لأي طارئ يهدد استقرار وأمن البلاد، وهذا ما تفتقر إليه الدول المتخلفة حضارياً وفكرياً.

أزمتنا هي أزمة فكرية، وما تدهور أحوالنا إلا بسبب افكار جامدة لا تتوافق في منهجيتها مع الواقع المتغير، فلا فائدة من الديموقراطية من دون عقول تستوعبها!

منذ تأسيس دستور 1962 وحتى تاريخه هي ذات المشاكل والقضايا تطرح وتكرر من دون وضع حلول!

احتدام وصراع وخذلان والتواء وانتعاش ونكبة، فهمها الشارع الكويتي وأصابه الإحباط من اداء أغلب أعضاء مجلسه وحكومته، رغم ان الحلول سهلة وتجارب النجاح كثيرة من حولنا، وكل ما علينا هو البدء من حيث انتهى الآخرون، والاستفادة من خبرات الدول التي تغلبت على مشاكلها وحققت الإنجازات المبهرة في كل مجالات الحياة، وذلك لإدراكها أن لا سبيل للنهوض إلا بالعلم والعمل على بناء وتنمية قدرات الإنسان أولا.

الرافضون لمسيرتنا الديموقراطية غير مستوعبين أن التغيير ضرورة حتمية للنهضة، ورفض هذا التغيير هو ما خلق أغلبية ما نشاهده من صراعات ابتليت بها أمتنا، والناتجة عن صراع فكري بين مضمون الحداثة (كحركة عقلانية تواكب التغير...) وشكلها، تماما كما تبنينا ديموقراطية شكلية وتناسينا جوهرها.

أساس النهضة هو الانفتاح، واتاحة المجال للعقول الواعية التي تستوعب حتمية التغيير وتسعى الى التطوير، حفاظا على إرث الأجداد من الزوال، وترك بصمة جميلة وخالدة في ذاكرة ووجدان الأجيال القادمة.