مجتمع مدني مع وقف التنفيذ

إيمان جوهر حيات

10/23/2017

للمجتمع المدني دور محوري في عملية التنمية، ونحن نفتقد في الكويت ــــ للأسف ــــ دور منظّمات المجتمع المدني الفاعلة، والتي تعتبر حلقة وصل بين الحكومة والشعب، ودورها المهم والمؤثر بشكل مباشر في الاتجاه نحو التنمية المستدامة، التي تتطلع الى تحقيقها كل الأمم الواعية والتي لها رؤية واضحة خاضعة للمنهج العلمي. ويرتبط وجود مؤسسات المجتمع المدني التطوعية والمستقلة (يرجى التركيز على كلمة مستقلة، أي أن تكون غير خاضعة أو تابعة لغيرها من الحكومات أو المؤسسات أو الجماعات او الأفراد، بحيث لا تسهل السيطرة عليها، والتأثير في نهج عملها) ارتباطا وثيقاً بالديموقراطية، فمن خلال تلك المؤسسات يتم تثقيف المجتمع وتوعيته بحقوقه وواجباته التي كفلها له الدستور ومواثيق ومعاهدات حقوق الإنسان الملزم على الدولة تفعيلها وإنفاذها. فالمجتمع المدني هو شريك أساسي للحكومة وليس تابعاً لها، وهو لا يصبو الى السلطة ولا يتعارض مع مفاهيم سيادة الدولة، بل يتمحور دوره في خدمة المجتمع بشكل عام، وإشراك أفراد المجتمع في العمل الجماعي التطوعي ونشر قيم احترام الاختلاف والتعايش وتوعية وتأهيل وإعداد قادة المستقبل، وإلزام الحكومة بالشفافية والوضوح وتحمل المسؤولية تجاه مواطنيها. ويرتكز دور مؤسسات المجتمع المدني على تغيير المجتمع نحو الأفضل ورقابة ومتابعة ومحاسبة أداء المؤسسات الحكومية والمشاركة في صياغة السياسات العامة للدولة واحترام القانون وتطبيقه، وحماية كل حقوق المواطنين.

ولو سلّطنا الضوء على مؤسسات المجتمع المدني الرسمية والفاعلة في الكويت ودورها الرقابي ومشاركتها في رسم السياسات العامة وإيجاد الحلول للقضايا المهمة التي تتغافلها أو تتجاهلها الحكومة، فلن نجد ذلك الدور الفاعل، لأن أغلب تلك المؤسسات المدنية، خاصة جمعيات النفع العام، ليست مستقلة وتخضع لهيمنة الحكومة وهيمنة الإيديولوجيات المنغلقة، كما أن أغلب تلك الجمعيات تنتمي الى شرائح مختلفة من أفراد المجتمع، ومصالحها متعارضة ومتضاربة، وأخص بذلك جمعيات النفع ذات الطابعين الديني والمذهبي، التي تستغل الدين لتحقيق مآرب سياسية ومكتسبات شخصية، فهي تعزّز الولاء لها في فكر منتسبيها وتنبذ من يتعارض أو يختلف معها، فبالتالي هي تخلق أجيالاً بتوجهات لا تعرف التسامح والتعايش ومعنى ومفهوم كلمة المواطنة، وهذا ما يتعارض مع الدور الحقيقي الذي أوجدت له تلك الجمعيات.

كما أني لم أر تحالف جميع مؤسسات المجتمع المدني الرسمية وتضافرها لتكوين رأي عام موحّد وضاغط، تسعى من خلاله إلى لفت نظر الحكومة لضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه القضايا الملحة في الشارع الكويتي، كقضية «البدون» أو من تسميهم الحكومة المقيمين بصورة غير قانونية، وكذلك حقوق المرأة بعدم التمييز ومساواتها مع الرجل، ومحاسبة الفاسدين الذين عبثوا بمقدرات الشعب، والعديد من القضايا التي تخمرت بأدراج الحكومة من دون أي إنجاز حقيقي يذكر.

نحن نعاني من خلل كبير في فهم معنى ومضمون المجتمع المدني والبناء المؤسسي، الذي يقوم بالأساس على بناء ونهوض الدولة، وذلك لن يكون إلا بسيادة العدالة والحرية والمساواة والتخلص من الواسطة والمحسوبية والطائفية والقبلية والمذهبية التي أنهكتنا وأنهكت البلد، وتمكين وتوعية أفراد المجتمع من اتخاذ القرارات الصحيحة والمستندة على قاعدة علمية دقيقة تساعدهم على فهم الحقائق وتمكنهم من إدارة أمور دنياهم من دون فرض أو إرغام أو تسلط من اي تيار او جماعة او فئة ذات توجه منغلق ورؤية أحادية أو مصلحية.

ولن نستطيع أن نحظى بمؤسسات مجتمع مدني فاعلة ولا نحقق التنمية المستدامة طالما نعيش في أجواء ديموقراطية مريضة عاجزة بلا أي بعد نظر.

والسلام على خطة 2035 للإصلاح والتنمية!