مواجهة الواقع
إيمان جوهر حيات
9/18/2017
قضيتنا الحقيقية التي نعاني منها اليوم هي نتاج تقاعس وتخاذل وصمت وخوف من التغيير. قضيتنا هي عدم وجود رؤية واقعية، ولا تخطيط عقلاني واضح وشفاف، ولا خطة زمنية لتوحيد المجتمع وصهر أفراده وتنميتهم بما يعود بالنفع على الوطن. قضيتنا هي تلك الاعتبارات السياسية الخفية، التي تسلقت لأهدافها من خلال تجيير التيارات القبلية والطائفية والفئوية، واستغلال الخلافات المختلقة بينها لمصلحة فئة لديها هوس السلطة والنفوذ، وكأن الوطن ساحة معركة والخصوم واللاعبين هم الأبناء، والضحية دائما هو المجتمع والوطن. إذا كنا نريد الإصلاح الحقيقي، الذي تمنيناه من سنين، فعلينا البدء بإصلاح أنفسنا أولاً، وأن تُزال كل القيود التي تمنعنا من التعبير عن آرائنا ونقد وتفنيد كل ما لا يقبله العقل والمنطق، والعمل المؤسسي الذي يقوم على المشاركة المجتمعية الواسعة من دون احتكار أو استئثار أو نبذ أو تهميش.
خلل التركيبة السكانية مثلاً ليس موضوعاً جديداً، بل هو نتاج صمت الحكومة والفوضى في تشريع وتطبيق القوانين وإهمالها المتعمد في ترك أغلب القضايا المهمة معلقة على عاتق الزمن، الزمن الذي تحمل الكثير من التخبط والاستهتار أصبح اليوم يحاكمنا على كل إهمال أخل بميزان العدالة الذي به تستقيم الحياة وتزدهر الإنسانية.
لن نستطيع النجاة حتى تحدث الحكومة التغيير الحقيقي، وذلك بالبدء بالتخطيط السليم والتنظيم والتوجيه والرقابة والمتابعة والقياس، التي من خلالها نتمكن من اكتشاف نقاط الضعف والقوة بالاداء، وكشف الأخطاء فور وقوعها والسيطرة عليها قبل أن تكبر وتتفاقم وتصبح خارجة عن نطاق السيطرة.
وضرورة رفع كل القيود التي تحول دون استثمار وتنمية المواهب والإبداعات والطموحات الشبابية، وإعطائها الفرصة لإثبات وجودها كحق إنساني مكفول بكل الدساتير المدنية والمواثيق الحقوقية الدولية، وضرورة ممارسة الديموقراطية بشكلها الصحيح القائمة على العمل المؤسسي، الذي به يتم إشراك القواعد الشعبية في اتخاذ القرارات، التي تحدد مصير المجتمع، وليس مصير فئة معينة من فئاته.
ماذا جنينا من احتكار الثروة والنفوذ بيد أقلية من المنتفعين والمقربين غير تراكم ثرواتهم وتبدد ثروات الوطن.
نحن بحاجة شديدة اليوم وليس غدا إلى أن نبدأ بجدية للنهوض بالبلد، ليس بالشعارات والأناشيد والتصريحات، بل بالعمل على تنفيذ تحولات سياسية تقوم على أسس ومفاهيم مؤسسية لا فردية، وكذلك ضرورة غرس المبادئ المدنية القائمة على الحقوق الإنسانية في عقول أفراد المجتمع، والخروج من دائرة الجمود الفكري بتطوير المناهج التعليمية كحق أساسي للتنمية البشرية، التي عن طريقها يتحقق السلام والرخاء الاجتماعي والاقتصادي والتنمية المستدامة، مما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع والوطن.
نحن بحاجة إلى تشخيص دقيق لمشاكلنا، فالتجاهل والإهمال يزيدان البلاء ولا يعالجانه.